2011-06-04 • فتوى رقم 49739
أنا شاب على مشارف الثلاثين من العمر أرغب بالزواج من فتاة بعينها منذ ما يقرب من 6 سنوات، فأنا أبحث عن مواصفات في مجملها بسيطة ولكنها ذات أهمية قصوى لدي في تحقيق الراحة والسعادة بمجرد النظر إلى الزوجة، وقد حافظت على الاستخارة وأتحرى الدعاء في أوقات إجابته وفي أماكن العبادة، ولهذا لم أقطع الأمل أبدا أو أسكن إلى اليأس بل إن الأمل وحسن الظن بالله يزداد مع الأيام، وأعتقد أنني تجاوزت مراحل وفترات المراهقة وأستطيع التفكير بالعقل دون العاطفة وبطريقة أفضل، والحمد لله فأنا الآن ميسور الحال ولدي عملي وتجارتي الخاصة وشريك في عدد من الشركات ذات المجالات المختلفة، وقد رأيت من تلك الفتاة ما يبعث على الفرحة والسرور من التدين والأخلاق النبيلة والعمل للدار الآخرة قبل الدنيا ومن ذلك حرصها على السفر لأداء العمرة وكونه أحد أهم أمور حياتها وأولوياته بعد فترة إنهاء دراستها الجامعية، وعلمت مؤخرا أنها استطاعت تحقيق ذلك في الآونة الأخيرة في رمضان وهو ما دفعني للتمسك بها أكثر من قبل، وبالتالي يمكنني القول بأني أحسبها على خير فهي ذات شخصية مرحة تحمل بساطة في الوجه وعطاء من اليدين للخير والإعانة عليه، وقد سألت عنها مرارا وتكرارا وعلى فترات مختلفة في محيط مسكنها وموقع عملها وما وجدته زاد من تمسكي بها خاصة وأنها تتألق وترتقي في عملها مما أتاح لها فرصا كالابتعاث للخارج ومنحة على نفقة العمل تقديرا لجهودها ونجاحها بالإضافة إلى المميزات الأخرى، وأراها الآن دون سواها من نساء العالم أفضل مَن يعينني على تصريف أمور الحياة في المواقف المختلفة، وأصبحت أخاف من الزواج بأخرى لئلا أظلم غيرها ولا أستطيع تطبيق ما أحله الله وشرعه أو أن يقع اسمها على لساني أمام الزوجة الأخرى فأنا لا أستطيع نسيانها مطلقا، وأخشى الوقوع في الحرام وأنا أبحث عن العفة.
والمشكلة الآن أن والدي يعارض ذلك الزواج بشدة ولا يريده دون وجود سبب جوهري ومحدد أو وجود سبب دنيوي وليس دينيا، وكثيرا ما يذكرني بقصة الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عندما طلق زوجته نزولا عند رغبة والده، وهذا ما دفعني للاطلاع والبحث والتعمق في السيرة النبوية وسيرة الخلفاء الراشدين وقرأت رأي الإمام أحمد وابن تيمية وابن عثيمين رحمهم الله واللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية في هذه المسألة، ومن جهة أخرى فإن الحديث الشريف يقول ( إنما الطاعة في المعروف ) والزوجة الصالحة من المعروف وعدم الزواج منها ليس من المعروف استنادا لكلام الشيخ بن باز يرحمه الله، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لم ير للمتحابين مثل النكاح )، وعلمت أيضا أن الابن لا تلزمه طاعة والده في شيء لا ضرر على والده فيه وللولد فيه منفعة استنادا لرأي كثير من العلماء، كما يقول سبحانه تعالى (( فانكحوا ما طاب لكم من النساء )) ولم يقل سبحانه ما طاب لآبائكم أو أمهاتكم أو غير ذلك، ورأي كثير من العلماء في كل ذلك: افعل ولا حرج محاولاً إرضاء الوالدين.
وبناء على هذا هل أكون عاقا لوالدي وآثما في حالة الزواج من تلك الفتاة اعتمادا على الآية الكريمة (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ......)) ؟ وهل يمكن أن تكون ذلك عقوقا وسيفا مسلطا على رقاب الأبناء أم هل أتزوج بها وأحاول إرضاء والدي في نفس الوقت لنزع سلاح العداوة والبغضاء وعدم الرضى؟
لقد استخرت الله مرات ومرات ومازلت أدعوه وأرجوه خاصة أثناء أداء العمرة والحج بأن يشرح قلب والدي بالموافقة فرضاه من رضا الخالق سبحانه وتعالى، وفي كل مرة أستخير أشعر براحة شديدة في نفسي تحملني على القيام بالتحدث لأهل الفتاة دون معرفة والدي حاليا. ولكني أفضّل أن أجد الفتوى المناسبة لعلي أزداد راحة وطمأنينة قبل الإقدام على شيء.
فهل لكم أن تفتونا مأجورين ولكم جزيل الشكر والثواب وجعله الله في ميزان حسناتكم..
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فحاول مرارا وتكرارا إقناع أبيك بهذه الفتاة، وعليك أن توسط لذلك أهل الشأن والمكانة عند أبيك، فإن رفض بعد كل ذلك، فلك الزواج منها مع الإمعان في بره والإحسان إليه، وأسأل الله لك التوفيق.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.