2006-05-10 • فتوى رقم 5138
سيدي الفاضل:
امرأة تسأل:
1- هل يجوز لها أن تقرأ القرآن وهي حائض، هل قال بذلك أحد العلماء أو الفقهاء؟
2- ثم تقول أليس ذلك انتقاصا للمرأة وحرمانها من الأجر والثواب؟
3- وما معنى أنها خلقت من ضلع، أي ضلع الرجل؟
4- وما معنى أعوج هل هذا انتقاص لقدرها وشأنها؟
أفيدونا جزاكم الله كل خير لأنني في حيرة.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فعامة الفقهاء على أن الحائض كالجنب لا تقرأ القرآن ولا تمس المصحف حتى تطهر من حيضها، وهو الأحوط في نظري لحديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن) رواه أبو داود والترمذي.
ويكفيها الذكر والتسبيح والصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والدعاء إلى الله تعالى بما تشاء من غير قرآن، وأجاز المالكية لها قراءة القرآن من غير أن تمس المصحف إلا بحائل كالقفازين.
- في الآية الكريمة {و من اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا} وصرحت السنة بأن حواء خلقت من ضلع وذلك في حديث البخاري: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ). وليس دليلا بالضرورة على أن كل زوجة خلقت من ضلع زوجها.
ثم أنه ليس في الدنيا دين سمماوي أو تشريع وضعي يكرم المرأة مثل الإسلام، فقد منح الإسلام المرأة الأهلية مثل الرجل تماما بعد أن كانت محرومة منها في أكثر شرائع الأرض، أو محدودة الأهلية وللرجل عليها وصاية كما في بعض الشرائع إلى اليوم، وقد كلفها الله تعالى بالعبادات كالرجل، وأثابها عليها كالرجل أيضا، وهكذا في عامة الأحكام الشرعية التكليفية وفي الإثابة عليها، إلا أن الإسلام راعى التكامل بين المرأة والرجل والفوارق الطبيعية بينهما، فأنزل بعض التكاليف عن كاهل الرجل، وأنزل بعض التكاليف عن كاهل المرأة بالتساوي من حيث الكم، ومع الفوارق من حيث الكيف، نظرا لطبيعة كل منهما، فأعفى المرأة من النفقة على زوجها وأولادها، كما أعفاها من النفقة على نفسها ما دامت متزوجة، بسبب ضعفها عن طلب الرزق، واشتغالها بتربية الأولاد، وأوجب على الزوج الإنفاق على الأسرة كلها وحده، لأنه الأقدر من المرأة على طلب الرزق، وجعل الحضانة للمرأة على أولادها بعد الفراق وانتهاء الزوجية ماداموا صغارا، لأنها الأقدر على تربيتهم، وأوجب على الأب الإنفاق عليهم عندها، وجعل الولاية للأب على أولاده الصغار وإن كانوا عند أمهم، لأنه الأقدر عليها، وأما أنها ناقصة عقل ودين، فالمراد بنقصان العقل هنا نقصان الحزم والعزم عندها، لغلبة العاطفة فيها، وهو من الميزات في تربية الأولاد، ولكنه نوع ضعف في إثبات الحقوق، ولهذا قدمت على الرجل في الحضانة وميز الرجل عتها في أداء الشهادة، وأما نقصان دينها، فالمراد منه بيان ضعفها عن القيام بالصلاة والصوم أثناء حيضها، وهو من باب الحث لها كي تسارع إلى العبادة فور انتها الحيض، وليس المراد منه انتقاصها، وهكذا في كل الأحكام الأخرى. وأسأل الله لك التوفيق .
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.