2011-09-08 • فتوى رقم 51916
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أعمل طبيباً، وعندما كنت مستجداً في أحد أقسام التدريب للتخصص الطبي في قسم الغسيل الكلوي وخلال نوبتي الليلية تعرضت امرأة للذبحة الصدرية بعد الغسيل الكلوي- وهذا قد يحدث عادة عند بعض المرضى بعد الغسيل- وقد حاولت تقديم الإنعاش القلبي معتقداً بنفسي أني قادر على إنعاشها دون إرسالها إلى العناية المشددة على اعتبار أن الدواء الذي قدمته والصدمات الكهربائية ستزيل عنها النوبة الألمية، لكن المرأة تطورت حالتها بسرعة نحو الوفاة، وفي اليوم التالي قام الأخصائي المناوب بتوجيه اللوم لي, لأني لم أرسلها للعناية المشددة... وأدركت لاحقاً أنه يلزمني التدريب أكثر على طريقة الإنعاش القلبي وكان ينقصني بعض المعلومات والإجراءات حول طريقة الإنعاش التي كانت فترة التدريب فيها أساساً قصيرة لمدة شهر فقط وعدد الحالات التي شاهدتها أيضاً قليل، بخلاف من يختص في الباطنية أو القلبية ولم نلق أيضاً الاهتمام من الأخصائيين المشرفين علينا في التعليم على اعتبار أن التدريب كان في المشافي الحكومية التي لاهم للأخصائيين فيها إلا الحضور لساعتين أو أكثر بقليل دون تخصيص وقت لتعليمنا وتدريبنا...
واعترف أنه لم يتم تدريبنا بالشكل العلمي والمنهجي وإنما يقتصر تعليمنا لبعضنا البعض ، الأمر الذي يفرض علينا أخطاءً كثيرة وخبرة ناقصة، إضافة لتسليمنا المناوبات في الأقسام مباشرة خلال فترة قصيرة قد تكون من اليوم الأول أو الأسبوع الأول لدخولنا الاختصاص أي أننا نستلم أرواح الناس دون اكتراث من رؤساء الأقسام ودون تدريبنا وتوعيتنا بالإرشادات والتوجيهات بالشكل الأكاديمي المطلوب .
والآن قد مضى سنوات على تلك الحادثة ولا أعرف اسم المرأة ، فهل يعتبر ماقدمته للمريضة وما ينقصني من تدريب وعلم خلال تلك الفترة أو تقصيري تجاهها سبباً في قتلها خطأً .وماذا علي فعله؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإذا تأكدت أن الموت كان بسبب خطئك، وكان ذلك لا يحصل عادة من أمثالك، فهو تسبب بالقتل عند بعض الفقهاء، وفيه الدية على عشيرتك وليس عليك، وعليك جزء منها بسيط كأي فرد من أفراد أسرتك أو عشيرتك، وتدفع الدية لورثة الميت إذا طالبوا بها، ومقدارها يساوي قيمة (4،25) كغ من الذهب الخالص، وعليك الكفارة عند البعض، وهي صيام شهرين متتابعين (من الأشهر الهجرية)، أو ستين يوما متتابعة مطلقاً، ويمكن أن تصومها في الشتاء البارد الذي يقصر نهاره على قدر إمكانك، ولا بديل للصوم عند أكثر الفقهاء، وقال الشافعية بجواز دفع بدل يساوي إطعام ستين مسكينا عند العجز عن الصوم، وإطعام المسكين يساوي قيمة / 2/ كغ من القمح تدفع لستين فقيراً، أما إن لم تتأكد أن الموت كان بسببك، أو كان ذلك يحصل من أمثالك بحسب العادة، فلا دية عليك إن شاء الله ولا كفارة، لكن عليك أن تتوب وتستغفر وتكون حريصاً على تجنب الأخطاء في المستقبل.
فابحث جاهدا عن اسم تلك المرأة في ذلك المشفى، وربما سامحك أهلها بالدية، وأسأل الله لك التوفيق.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.