2011-09-29 • فتوى رقم 52450
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الشيخ: لست أدري إن كان هذا هو المكان الصحيح لتلقي الفتاوى أم لا وإن كان كذلك فإليكم قصة صديقي الذي يريد حلا أو فتوى لمشكلته التي ظلت عائقا في توبته الكاملة، إليكم القصة:
صديقي كان يعمل في مؤسسة خاصة بالجزائر كان يعمل مسؤولا للمستخدمين وقد كلفه صاحب المؤسسة بدفع رواتب العمال, ولكن من حين لآخر كان هذا الصديق يأخذ جزءا من المال (شهريا) بدون علم صاحب المصنع وكان يكتب هذا المبلغ في ورقة كي لا ينساه وبنية إرجاعه لاحقا حتى أصبح هذا المبلغ كبيرا جدا (240 مليون سنتيم)، جزء من هذا المال المسروق دفعه كقسط لشراء سيارة والقسط الباقي من السيارة اقترضه عن طريق البنك - بفائدة ربوية - والجزء الآخر من المال المسروق دفعه لشراء البيت الذي يسكن فيه حاليا مع عائلته وباقي ثمن البيت اقترضه من البنك بفائدة ربوية....
وبعد مرور حوالي سنة باع صديقي سيارته وخبأ ثمنها (مبلغ 40 مليون سنتيم) في المكتب الذي كان يعمل فيه في المصنع وبعد يومين تمت سرقة المصنع وسرق المبلغ الذي كان في المكتب -سرقه شخص آخر- ( لم يعرف إلى يومنا هذا )...مما جعل صاحب المصنع يشك في صديقي وهو بريء من هذه السرقة فاستمر الخلاف بينهما مما أدى إلى توقيف صديقي قرابة عامين بدون تلقي أي أجر أو راتب لمدة عامين وبعد ذلك طرد نهائيا...
عرضت القضية أمام القضاء الجزائري فتم تعويض صديقي بمبلغ كتعويض عن التسريح التعسفي وكذلك تعويض عن الضرر المعنوي والمادي (مبلغ التعويض 40 مليون سنتيم) ولم يتم التعويض عن الأجور المتبقية - أجور ومرتبات عامين كاملين. ( أجور ورواتب عامين قدرت في ذلك الوقت ب 200 مليون سنتيم).
صديقي الآن ندم ندما شديدا لما فعله مع صاحب المصنع الذي كان حسن المعاملة معه والآن هو يريد أن يكمل توبته برد المظالم إلى أهلها فهو يريد فتوى أو حلا لمسألته
1- فهل يستطيع أن يخصم من المبلغ المسروق من رواتب العامين والباقي يرسله إلى بنك صاحب المصنع بدون علمه خشية الفضيحة أم ماذا يفعل؟
2- ما هو مصير ماله الذي سرق من مكتب العمل؟ هل هو في ضمانة صاحب العمل؟
2- ماذا يفعل بالسيارة والبيت الذين اشتراهما بقرض ربوي مع العلم أنه بعد بيعه لسيارته الأولى اشترى السيارة الثانية بصيغة ربوية لم يعلمها إلا بعد فوات الأوان؟
وشكرا وجزاك الله خيرا
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقد عاقب الله تعالى صديقك على سوء أمانته، وأخذه الربا، وعليه الآن أن يكثر من الاستغفار ويندم على ما كان منه، ويعزم على عدم العود، وعليه أن يسدد ما لصاحب المصنع عنده، وليس له أن يخصم من ذلك المبلغ الذي سرق له، لأنه من ضمان صاحبك لا من ضمان صاحب المصنع.
ولا يجوز أخذ قرض بفائدة للنهي عن ذلك بقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة:275]، والربا من أشد المحرمات عند الله تعالى، وقد أعلن الله الحرب على آكلها، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ...﴾ [البقرة:278_279]، ولا يباح الربا إلا لضرورة، وهي خشية الهلاك بدونه، وعدم وجود طريق آخر لدفع الهلاك.
وعلى المتورط في ذلك أن يسارع إلى سداد القرض الربوي كله، ويبذل في ذلك كل وسعه، ولو ببيع شيء مما يملكه، مع التوبة النصوح والاستغفار، والعزم على عدم العود لذلك في المستقبل، والتوبة الصادقة النصوح التي يتبعها عمل صالح تمحو الذنوب كلها بإذن الله تعالى، قال تعالى: ﴿إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ [الفرقان:70].
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.