2011-12-22 • فتوى رقم 54459
أنا فتاة عمري 27سنة وموظفة في وظيفة حكومية, في أول تعيين لي وأنا غير متزوجة، اخترت أن أعمل في المدينة التي يقطنها أهلي وذلك لأتمكن من مساعدتهم. وقطنت معهم وقدرني الله على مساعدتهم قدر المستطاع وهم يعترفون بذلك, لكن المشكلة أن كل واحد من والدي كان يحاول أن يكسبني لجهته على حساب الطرف الآخر وكل واحد كان يحاول أن يتفوق على الآخر بالاتحاد معي. خاصة أمي كانت تحاول أن تكسبني إلى جنبها حتى أساندها وتتمكن من التغلب على أبي, فوجدت نفسي أفرق بينهم عوض أن ألم شملهم, علما أن نزاعاتهم قديمة وكثيرة وهي من بين الأسباب التي دفعتني لأن أبحث عن عمل في نفس المدينة التي يقطنون بها حتى أحاول التوفيق أو التقليل من المشاكل. أنا صراحة خلال فترة سكني مع والدي بعد توظيفي كنت كثيرا ما أمرض وتنهار أعصابي فقد كنت مجبرة على الاختيار بينهما وأنا لا أستطيع فكلاهما مريض, أمي أصيبت بفشل كلوي وتقوم بالتصفية وعمرها 48سنة وأبي مصاب بالأعصاب ومتقاعد وعمره 56سنة. لكنهما والحمد لله مازالا بصحة ويقطن معهما أخي الصغير وعمره 16سنة وأختي الصغرى أكملت دراستها وتقطن معهم وعمرها 22سنة وأمي وأبي لازالا قادرين على القيام بكل الأعمال والحمد لله, فأكثر مشاكلهما وهمهما يتمحور حول الماديات علما أن لأبي معاشا جيدا وأنا وأختي موظفتان وساعدناهم على بناء بيت وتأثيثه ونساعدهما شهريا, لكن للأسف أعتقد أن الضيقة المالية التي كانوا يعانون منها حين كنا صغارا جعلت المال أكبر همهما وخوفهما.
قطنت مع أهلي بعد توظيفي لمدة 4سنوات بعدها تزوجت وزوجي يعمل في مدينة أخرى, أمي كانت تريدني أن أستمر في العيش معهما ولا ألتحق بزوجي بل تريدني أن أبقى إلى جنبها ويقوم زوجي بكراء بيت لي يأتي لزيارة في العطل أو يحاول الانتقال للعيش في نفس مدينتي. لكن والحمد لله اجتزت أحد الاختبارات المهنية وانتقلت إلى مدينة أخرى غير المدينة التي يقطنها أهلي ولكنها قريبة من المدينة التي يقطنها زوجي لأكمل دراستي حتى أترقى في السلم الإداري وأحسن من حالتي. وفي نهاية دراستي سيكون علي أن أختار المدينة التي أعمل بها. فكرت ألا أعود إلى نفس مدينة أهلي, أن أبعد عنهم لأنهما أي أبي وأمي حين يكونان معا أحدهما يعلم أن لا غنى له عن الآخر وبالتالي ينقص كلاهما من عناده, فقد لاحظت جليا أنا وأختي الكبرى التي تسكن في مدينة أخرى مع زوجها لاحظنا أنهما بعد أن غادرت البيت أصبحا أكثر قربا ويصبران على بعضهما البعض.
سؤالي الآن: هل إذا ما كانت لدي فرصة لأعمل قرب أهلي واخترت مدينة أخرى بعيدة هل أنا آثمة؟ علما أني أستشير زوجي دائما ولن أفعل شيئا دون رضاه, لكني فقط أريد أن أقطن مع زوجي في هدوء وأهتم بعائلتي لأني إن قطنت قرب أهلي لن أسلم من المشاكل وأخاف من تدخل أمي المستمر في حياتي أنا وزوجي وأخاف من تأثيرها علي. فأنا أحاول إرضاءها على حساب نفسي فأصاب بنوبات عصبية وتشنجات وأمي قوية الشخصية وتفرض رأيها بشتى الطرق حتى إنها تستغل مرضها للضغط علينا وتهدد بالسخط.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فأنت أعرف بأمرك وأدرى به، فإن كان أبواك يمكن لهما الاستغناء عنك، فلا مانع من السكن في مدينة أخرى، وعليك بصلاة الاستخارة فبها يوجهك الله تعالى إلى ما فيه الخير إن شاء الله تعالى، فهو وحده علام الغيوب، وصلاة الاستخارة تكون بصلاة ركعتين لله تعالى نفلاً في وقت تكون فيه نفس المصلي مطمئنة ومرتاحة، ويحسن أن تكون بعد صلاة العشاء، وفي غرفة هادئة، فيصلي المستخير لله تعالى في أمر مباح ركعتين، ثم يجلس بعدهما متجها للقبلة ويدعو الله تعالى بدعاء الاستخارة المأثور، (اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر .... خير لي في ديني ومعاشي وعاقبةِ أمري فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر ... شر لي في ديني ومعاشي وعاقبةِ أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به)، ثم يسمي حاجته، ثم يغمض عينيه ويتفكر في قضيته التي يريد الاستخارة فيها، فإن انشرح قلبه لها مضى فيها، وإلا أعرض عنها، فإذا لم يحس بشيء يصلي لله تعالى ركعتين مرة ثانية، ثم يدعو الله تعالى مثل الأولى، ويتفكر أيضا ، فإذا لم يتضح له شيء يعيد الصلاة والدعاء والتفكر إلى سبع مرات، ثم ينام ويترك أمره لله تعالى، وهو سوف يوفقه إلى ما فيه الخير من حيث لا يدري إن شاء الله تعالى. وليس هنالك سور محددة لصلاة الاستخارة، وإذا قرأ المستخير في الركعة الأولى (قل يا أيها الكافرون)، وفي الثانية (قل هو الله أحد)، كان حسناً.
وأسأل الله أن يرشدك لصواب أمرك، وأن يسدد رأيك.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.