2012-05-08 • فتوى رقم 57074
هل يجب علي أن أنصح كل من أراه خارج المنزل وقد عمل شيئا يخالف الشرع كبيرا في السن وصغيرا سواء في المسجد أو الطريق أو غيرهما بدون استثناء، وأدخل إلى المحلات التجارية التي فيها أمورا تخالف الشرع وأنصحهم جميعا، هل ذلك كله (وإن كان صعبا علي أحيانا) واجب علي دائما؟ وهل نصح الناس كلهم بدون استثناء والكلام معهم إذا رأيت من أحدهم ما يخالف الشرع وتغييره واجب علي باللسان دائما ولا يجوز الاكتفاء بالقلب أبداً؟ وإن لم أفعل ما ذكرت لكم هل أكون عاصيا آثما دائما مخالفاً مستحقا للوعيد والعياذ بالله؟ بينوا لي ماذا أفعل، انصحوني وأفيدوني، أنا اخاف أن أقع في الإثم، وأريد أن أعرف ما هو الواجب علي القيام به، وأخاف الوقوع في الإثم.
أرشدوني جزاكم الله خيرا
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
قال النبي صلى الله عليه وسلم (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ) رواه مسلم.
فإنكار المنكر واجب، ولا يعفى أحدٌ من ذلك، فمن استطاع أن يغيره بيده دون إحداث فتنة وأَمِنَ من عواقب فعله وَجَبَ عليه ذلك؛ كالأب يُمزق ويكسر الأشياء المحرمة التي قد يجدها في منزله، وصاحب المعمل يمنع من سماع ومشاهدة المحرمات في متجره ومعمله...، ومَن لم يكن له سُلطة تمكنه من إزالة المنكر باليد والقوة؛ فإنه يُنكر بلسانه ويُذكر بالله تعالى ويُخوف من عقابه كعامة الناس مع بعضهم، ثم إن تعذَّر تغيير المنكر باليد دون إحداث فتنة، وتعذَّر الجهرُ والنصح باللسان بسبب ما أيضاً، فالإنكار بالقلب يكفي إن شاء الله تعالى ويرفع الإثم عندئذ، والإنكار بالقلب بأن تقول في نفسك: اللهم هذا منكر لا أرضاه.
فعلى المسلم عموماً أن ينصح المقصرين والمذنبين بالحكمة واللين واللطف وعلى انفراد ما أمكن، ويبتغي من ذلك رضا الله تعالى لا رعونة النفس، ويختار لذلك أوقات الراحة، ويكثر من الدعاء للمقصرين بالهداية، ويغتنم لنصيحتهم كل فرصة، فإن فعل ذلك وداوم عليه، فقد أبرأ ذمته أمام الله تعالى، سواء أنفع ذلك مهعم أم لم ينفع.
قال النبي صلى الله عليه وسلم (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ) رواه مسلم.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.