2006-06-28 • فتوى رقم 5990
أردت أن استفسر منك عن أمر أقلقني دوما والآن بدأ يخطر على بالي أكثر، وأخاف أن يوافيني الأجل قبل أن أتخلص من هذا الحمل الثقيل.
أنا أعمل طبيبة من العراق, وقد مر بي حادث منذ أن كنت في فترة الإقامة الدورية حيث تنقصنا الخبرة في أمور عدة, في أحد الأيام كنت في خفارة في مستشفى الأطفال وأعطيت طفلا كان في حالة صحية سيئة يبلغ من العمر بضعة أشهر يعاني من تشوهات خلقية متعددة: منها في الجمجمة والقلب وأعتقد الدماغ على ما أذكر، وكان مصابا بعجز في القلب وقد كتب له الإخصائي علاجا لعجز القلب بشكل حقنة وريدية، وكتب في طلبيته: تعطى من قبل الطبيب لأنه يجب أن تعطى بشكل بطيء، وأنا بسبب عدم الخبرة وخطأ وعن غير عمد أعطيته الحقنة بشكل عادي كأي حقنة أخرى، فإذا به بعد فترة قصيرة قد توفي.
أعتقد أني أنا الذي قتلته عن غير قصد، مع أن حالته كانت تعبانة، وكتب في تقرير الوفاة عجز الرئة والقلب وهو صحيح، ولكن أحدا لم يحاسبني ولم ينبهني إلى أن هذا ربما كان خطئي، ولكن بقي ضميري يؤنبني فقد قتلت روحا بريئة، وكلما ذكرت ذنبي استغفرت ربي وتألمت لما فعلت.
علما بأني لا أعرف أهل الطفل، ولن أستطيع بأي حال أن أصل إليهم، فلمن سأدفع الدية، وما مقدارها من المال بالدينار العراقي إن أمكن أو بالدولار؟
وأعلم أنه علي أن أصوم شهرين متتابعين كفارة، وأعتقد أني لن أحتمل ذلك الآن فأنا ضعيفة البنية والجو حار جدا الآن والنهار طويل, فهل هناك ما يعوض عن تحرير رقبة أو عن الصيام أو هل يمكنني تأجيله، أخاف أن أؤجله فتوافيني المنية قبل أن أؤدي ما علي؟
أجبني في أسرع وقت بارك الله فيك، خوفا أن يدركني الأجل وأحمل وزري معي إلى قبري وعندئذ لا أستحمل عقاب ربي لي.
ادعو لي الله أن يغفر لي ويعفو عني وعن جميع المسلمين، وأن يهدي أبي للصلاة، وأن يجمعنا في جنات النعيم مع الحبيب المصطفى محمد عليه وعلى اله وأصحابه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإذا تأكدت أن الموت كان بسبب خطئك فهو قتل خطأ، وفيه الدية على عشيرتك وليس عليك، وعليك جزء منها بسيط كأي فرد من أفراد أسرتك أو عشيرتك، وعليك الكفارة وهي صيام شهرين متتابعين، ويمكن أن تصوميها في الشتاء البارد الذي يقصر نهاره على قدر إمكانك، ولا بديل للصوم عند أكثر الفقهاء، وقال الشافعية بجواز دفع بدل يساوي إطعام ستين مسكينا عند العجز عن الصوم، وإطعام المسكيم يساوي قيمة 2,5 كغ من القمح تدفع لستين فقيرا.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.