2006-06-28 • فتوى رقم 5993
هل تجب الزكاة في مال من فقد عقله منذ أكثر من عشرين سنة؟
وجزاكم الله خيرا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه تجب الزّكاة في مال المجنون ويخرجها الوليّ عنه من ماله، فإن لم يخرج، أخرج المجنون بعد الإفاقة -إن أفاق وشفي- زكاة ما مضى ، لما روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال : « من ولي يتيماً له مال ، فليتّجر له ، ولا يتركه حتّى تأكله الصّدقة » وروي موقوفاً على عمر رضي الله عنه ، وإنّما تأكله الصّدقة بإخراجها، وإنّما يجوز للوليّ إخراجها إذا كانت واجبة، لأنّه ليس له أن يتبرّع بمال اليتيم، ولأنّ الشّارع جعل ملك النّصاب سببا في الزّكاة والنّصاب موجود، والخطاب بإخراجها يتعلّق بالوليّ.
والمجنون والصّبيّ سواء في هذا الحكم.
وذهب الحنفيّة إلى أنّه لا زكاة في مال المجنون، لأنّه غير مخاطب بالعبادة، والزّكاة من أعظم العبادات، فلا تجب عليه كالصّلاة والحجّ ولقوله صلى الله عليه وسلم: « رفع القلم عن ثلاثة: عن النّائم حتّى يستيقظ ، وعن الصّبيّ حتّى يحتلم ، وعن المجنون حتّى يعقل » .
وقال عليّ رضي الله تعالى عنه : لا تجب عليه الزّكاة حتّى تجب عليه الصّلاة ، وإليه ذهب الحسن ، وسعيد بن المسيّب ، وسعيد بن جبير ، وأبو وائل ، والنّخعيّ.
وحدّ امتداد الجنون في حقّ الزّكاة عندهم أن يستغرق الحول ، وروى هشام عن أبي يوسف أنّ امتداده في حقّ الزّكاة بأكثر السّنة ونصف السّنة ملحق بالأقلّ ، لأنّ كلّ وقتها الحول ، إلاّ أنّه مديد جدّاً ، فقدّر بأكثر الحول عملا بالتّيسير والتّخفيف ، فإنّ اعتبار أكثر السّنة أيسر وأخفّ على المكلّف ، وإذا بلغ الصّبيّ مجنوناً ، وهو مالك لنصاب فزال جنونه بعد مضيّ ستّة أشهر ثمّ تمّ الحول من وقت البلوغ وهو مفيق ، وجبت عليه الزّكاة عند محمّد ، لأنّه يفرّق بين الجنون الأصليّ والعارض ، ولا تجب عند أبي يوسف ، بل يستأنف الحول من وقت الإفاقة ، لأنّه بمنزلة الصّبيّ الّذي بلغ الآن عنده ، ولو كان الجنون عارضاً فزال بعد ستّة أشهر ، تجب الزّكاة بالإجماع ، لأنّه زال قبل الامتداد عند الكلّ.
ويحكى عن ابن مسعود ، والثّوريّ ، والأوزاعيّ أنّهم قالوا : تجب الزّكاة في الحال ، لكنّه لا يخرج حتّى يفيق.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.