2012-11-15 • فتوى رقم 60008
الأستاذ الدكتور: بعد التحية
لقد أرسلت إليكم رسالة أمس ولكن أرسل لكم رسالة أخرى لعلها تكون أشمل من الرسالة الأولى
أرجو أن يسع صدركم لرسالتي الطويلة والمملة وأخذها بعين الاعتبار لأنها قضية مصيرية بالنسبة لي فقصتي أغرب من الخيال
أنا رجل ابتلاني الله بمرض الوسواس القهري اللعين منذ سنوات طويلة, أي منذ سنوات المراهقة وأنا الآن على مشارف الخمسين وقد ترددت على عيادات الأطباء النفسيين كثيراً، وهذه الوساوس القهرية كانت تأتيني على شكل وساوس جنسية مع المحارم مما سبب لي كثيرا من حالات الاكتئاب, وقد تحكم الوسواس في حياتي بشكل كبير حيث أنني كلما هممت بعمل ولو كان روتينياً تأتيني الوساوس الجنسية, أي إذا أنا قمت بهذا العمل فإنني موافق على ما يأتيني من وساوس مما أضطر إلى عدم فعل ذلك العمل سواء كان هذا العمل مهماً أو غير مهم ولو كان على حساب مصلحتي, ولكن عشت حياتي وسط هذه الوساوس التي تأتيني في كل لحظة ولكم أن تتصوروا مثل هذه الحياة ولكن رغم ذلك أكملت دراستي الجامعية وتخرجت من إحدى الكليات العلمية المرموقة في بلادي، هذا قبل الزواج ولكن بعد الزواج أصبحت الوساوس بالإضافة إلى ما سبق وساوس قهرية بخصوص الظهار حيث أنني كلما هممت بعمل أي عمل جاءتني الوساوس القهرية بأنني لو قمت بذلك العمل فإن علي يمين ظهار، في البداية كنت أستجيب لهذه الوساوس ولا أقوم بهذا العمل ولو على حساب مصلحتي ولكنني بعد هذه الحال قررت أنني لمحاربة هذه الوساوس وحتى أقوم بعملي وهو أنني أقوم بحلف يمين الظهار المعلق ولكن دون أن أتلفظ به على أن أقوم بهذا العمل ولكن في إحدى المرات منذ 6 سنوات تقريباً لم أستطع القيام بذلك العمل لظروف خارجة عن الإرادة حيث أنني نويت أن أشتري شيئا من محل معين وجاءتني تلك الوساوس كالعادة فحلفت يمين ظهار معلق دون أن أتلفظ به ولكن للأسف وجدت ذلك المحل مغلقا وانتظرت كثيراً ولكن للأسف لم يفتح ذلك المحل، و لكم أن تتصوروا ماذا حدث لي فقد ترددت على كل المشايخ الذين أعرفهم وعلى الأطباء النفسيين وكلهم قالوا لي أنه ليس علي شيء ولكن مع ذلك لم أقتنع وأصبت بالاكتئاب وهجرت الفراش عدة شهور. ولكن بعدها شفيت من الاكتئاب ومارست حياتي الزوجية الطبيعية ولكن ليت الأمر وقف، فقد تطور الأمر عندي حيث أصبح الحلف بيمين الظهار المعلق دون التلفظ به لا يكفي في محاربة الوسواس بل أصبحت أحلف بيمين الظهار المعلق عندما تأتيني الوساوس بأن أتلفظ بكلمة أمي أو اسمها فقط دون التلفظ بباقي اليمين، حيث أنه منذ 5 سنوات تقريباً وأثناء صلاة الفجر قد قد نويت قبلها أن أشرب عصيراً وأنا متأكد من وجوده بعد الانتهاء من الصلاة ولكن جاءتني تلك الوساوس الملعونة على ألا أشرب العصير وألا يصبح علي يمين ظهار وحاصرتني تلك الوساوس البغيضة أثناء الصلاة فما كان مني للهروب من هذه الوساوس التي حاصرتني إلا أن حلفت يمين ظهار معلق على أن أشرب ذلك العصير ولكن لم أتلفظ منه إلا بكلمة واحدة هي أمي أثناء السجود وأنا أدعو: ( اللهم اغفر لأمي ) وعند التلفظ بها كانت صورة نوع علبة العصير التي جاءت في ذهني تلك التي كنت متأكدا من وجودها، وبعد الصلاة ذهبت لأشرب العصير ولكن للأسف لم تكن العلبة نفس التي جاءتني أثناء التلفظ بكلمة أمي مما سبب حزنا شديدا واكتئابا على الرغم من أنني شربت ذلك العصير وأذكر أنني ذهبت لأحد لمشايخ وأفتوني أنه لا شيء علي بحكم مرضي، وبعد عدة شهور من هجر الفراش والاكتئاب إلا أنني شفيت ونسيت الموضوع و مارست حياتي بشكل طبيعي رغم الوساوس اللعينة، ولكن الآن وبعد مرور 5 سنوات بدأت تأتيني وساوس أنه ربما لم أشرح للمشايخ ما حدث لي بالضبط لذلك أفتوني بأنه لا شيء علي أو ربما تلفظت باسم الأم دون أن أتعرض للوساوس بذلك القدر الكبير الذي يجبرني على التلفظ باسم الأم واو أن الاختلاف ليس في شكل العلبة ولكن الاختلاف كان في نوع العصير لكن حسب ما أذكر غالب الظن أن ما حصل هو ما ذكرته لكم
وسامحوني على الإطالة والرجاء سرعة الرد لأنني يبدو أنني على أعتاب حالة اكتئاب جديدة حيث أنني هاجر للفراش منذ أسبوعين وبارك الله فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن كنت تقتنع بجوابنا فجوابنا هو: ليس عليك شيء، ولم يقع بكل ما ذكرت ظهار ولا غيره، وإن كنت لا تقتنع به (كما لم تقتنع بقول غيرنا من كل من راجعت) فأرجو ألا ترسل إلينا سؤالا عن الوسواس، لأن الوساوس لا تعالج بالسؤال عنها، لكن بإهمالها وعدم الالتفات إليها مطلقا.
والوسواس مرض نفسي كسائر الأمراض الأخرى، يصيب كثيراً من الناس الناس، ولا ينبغي الاستسلام له أو الخوف منه، ولكن لا بد من الدعاء إلى الله تعالى بصرفه.
وعلى المبتلى بذلك أن يكثر من قراءة القرآن والصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فهي تشرح الصدر وتيسر الأمور كلها، وأوصيه بالدعاء في الثلث الأخير من الليل بأن يصرف الله عنه الوسوسة فهو وقت إجابة، وسوف أدعو معك الله تعالى أن يصرف ويخفف عنك ما أنت فيه إن شاء الله تعالى.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.