2012-12-05 • فتوى رقم 60290
السلام عليكم
والصلاة والسلام على أشرف المخلوقين سيدنا محمد عليه السلام وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد، فهذه مشكلتي بالضبط، فأرجو من شيوخنا الأجلاء أن يسامحوني على الإطالة والتفصيل، فأنا أعلم سعة صدوركم ومدى المجهودات التي تبدلونها في خدمة هذا الدين.
أنا مغربي وأقطن في المغرب وهذه نازلتي.
النازلة:
منذ 8 أشهر اقترضت من أحد المحسنين 50000 درهم مغربي كتسبيق في منزل كان في طور البناء وكنت متفقا مع أحد المحسنين أن يقرضني تتمة المبلغ عند انتهاء البناء، لكن ظروفا قاهرة حصلت بيني وبين من سيقرضني حالت دون أن يقرضني، ولقد ذهبت إلى الشركة التي تعاقدت معها فقالوا لي أن بناء المنزل أوشك على الانتهاء ويجب علي أن أعطيهم بقية المبلغ كاملا، وإن لم أسدد المبلغ سيلغون العقد الذي بيني وبينهم وسيأخذون نصف المبلغ الذي دفعته لهم مسبقا، وسيرجعون لي النصف الآخر، ويعني هذا أني سأخسر 25000 درهم مغربي في حالة إلغاء العقد، وأنا لم أسدد هذا المبلغ لأصحابه.
فهناك حلّان أمامي إما أن أقترض من البنوك الربوية لتسديد بقية المبلغ وأشتري المنزل، مع العلم أن الاقتراض من البنوك عملية سهلة ومتاحة والأقساط تكون قليلة.
الحل الثاني: هو إلغاء العقد، وبالتالي أخسر 25000 درهم وأنا لم أسدد المبلغ بعد لأصحابه، ثم يجب علي أن أكتري منزلا مع العلم أن كراء المنازل في مدينة الدار البيضاء التي أقطن فيها جد مرتفع ويكلفني الكثير من المال شهريا أكثر بكثير من الأقساط الشهرية في حالة ما إذا اقترضت من البنك (ثمن القسط الشهري الربوي هو 1300 درهم أما الكراء ففي أحسن الأحوال 2000 درهما إن وجدت منزلا للكراء أصلا).
فسؤالي: هل يجوز في هذه الحالة أن أقترض من البنك الربوي وأعتبر هذا ضرورة أم لا؟ هل في مثل حالتي يعتبر ضرورة أم لا مع العلم أنه يمكنني أن أكتري ولكن سيترتب عن هذا الكراء ضيق في العيش ومشقة كبيرة، فالذي يكتري المنازل لا يعرف طعم الاستقرار فكل فترة ينتقل من منزل إلى آخر.
أفيدوني جزاكم الله خيرا والسلام عليكم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فأسأل الله تعالى أن تجد حلا آخر، فلا يجوز أخذ قرض بفائدة للنهي عن ذلك بقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة:275]، والربا من أشد المحرمات عند الله تعالى، وقد أعلن الله الحرب على آكلها، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ...﴾ [البقرة:278-279]، ولا يباح الربا إلا لضرورة، وهي خشية الهلاك بدونه، وعدم وجود طريق آخر لدفع الهلاك، وما ذكرت ليس منه.
فلتتق الله تعالى، ولتبحث بجدية عن طريق آخر آمن، مع دعاء الله تعالى بالتوفيق، وقال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) [الطلاق : 3].
ومن ترك شيئاً لله عوضه الله تعالى خيراً منه.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.