2013-02-22 • فتوى رقم 61337
ما تفسير الآية: (وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد...... إلى نهاية الآية) رقم الآية 61 من سورة البقرة
وجزاكم الله خيرا
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
[قال تعالى «وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ» وذلك لأنهم سئموا من أكل المنّ والسلوى وشرب الماء بلا تعب ولا عمل، وسمّوها واحدا مع أنهما اثنين، لأنه لا يتبدل، فكان بمنزلة الواحد «فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها» البقل يشمل كل الخضراوات المأكولة «وَقِثَّائِها» يدخل فيه الخيار والبطيخ وأنواعهما «وَفوْمَها» الحنطة وسائر الحبوب التي تخبز فهو كالجنس لمثلها، ولا وجه لتأويله بالثوم المعروف، لأنه داخل في قوله تعالى (وَبَصَلِها) الذي هو كالجنس أيضا يدخل فيه الثوم والكراث والبصيل وغيرها، وكذلك يقال فيما قبله وبعده، لأن الله تعالى ذكر أمهات الأشياء استغناء عما تفرع عنها «وَعَدَسِها» يعم كافة الحبوب التي تطبخ كالرزّ وغيرها «وَبَصَلِها» يدخل فيه كل ذي رائحة كريهة «قالَ» لهم موسى عليه السّلام «أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى» أخس وأحقر مما لم يمكن الحصول عليه إلا بكدّ وكدح «بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ» أحسن وأطيب، وتتناولونه عفوا بلا تعب، وإذا كنتم تصرون على هذا «اهْبِطُوا مِصْراً» من الأمصار، وهذا الفرق بين مصر بلا تنوين علم على المدينة المعلومة والقطر المخصوص، وعلى مطلق بلدة بالتنوين، «فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ» من ذلك في أي بلدة تقصدونها «وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ» الفاقة أحاطت بهم من كل جانب، لأنهم بمجرد دخولهم البلدان احتاجوا إلى الكد والجهد، وتذللوا لغيرهم لتحصيل معاشهم، وتمسكنوا لينالوا ما يقوتهم. إلا أن اليهود كانوا ولا يزالون شديدي الحرص على المال، ولذلك تراهم أذلاء يتكالبون على جمعه يأتي طريق كان ولو كانوا أغنياء «وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ» رجوعهم بالغضب وانطباعهم على الذل وحب المال لسوء عقيدتهم وفساد نيّتهم وتكالبهم على الدنيا عدم طاعتهم لرسلهم، والسبب في ذلك «بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ» المنزلة على رسوله «وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ» عدوانا «ذلِكَ» الكفر والقتل «بِما عَصَوْا» أوامر الله «وَكانُوا يَعْتَدُونَ» حدوده من قبل ويتجاوزونها.] من تفسير «بيان المعاني» لعبد القادر ملا حويش.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.