2006-07-14 • فتوى رقم 6263
بسم الله الرحمن الرحيم
موضوعي هو عن البنك وحرمانيته، فأنا أعرف بأن القرض من البنك حرام، وهو ربا، ولكن كثرت الأقاويل والفتاوى في هذا الأمر، وآخرها هو أن الذي يكون مضطرا للقرض فإنه لا يأثم، بل تأثم الجهة التي أقرضته، وهو البنك أو المصرف.
ويسمون الطرف الذي أخذ المال بأنه معسر وهو لا يأثم، بل المصرف الذي أقرضه وأخذ الفائدة.
وهناك ناس تقول لي: إني في حياتي لن أتزوج، والأعظم أنه لن يكون لدي بيت بدون القرض، وهذا أمر فيه شيء من الصحة، لأنني موظف وفقير، وهذا حال كل الموظفين في بلدنا، ونادرا ما ترى أحد يعارض القروض لأنه يقول لنا: لولا القرض لما فعلت كذا وكذا، فأنا محتار جدا جدا ، فهل أقبل بالقروض أم أصبر على بلواي؟
أرجو الإجابة على سؤالي، ومن ثم نصحي.
ولكم الأجر والثواب إن شاء الله تعالى.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
البنوك التقليدية لا تتعامل بالبيع بل بالإقراض بالربا فقط، وفوائدها محرمة، ولا يجوز الاستثمار فيها أبداً بإجماع الأمة إلا من شذ، قال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ، يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ... يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ، وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }. سورة البقرة[275 - 281].
فقد ذكر اللّه تعالى لآكل الرّبا خمساً من العقوبات:
إحداها : التّخبّط. قال اللّه تعالى : «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ» .
الثّانية : المحق. قال تعالى : «يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا» والمراد الهلاك والاستئصال، وقيل ذهاب البركة والاستمتاع حتّى لا ينتفع به، ولا ولده بعده.
الثّالثة: الحرب. قال اللّه تعالى : «فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِه» .
الرّابعة : الكفر. قال اللّه تعالى : «وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ» وقال سبحانه بعد ذكر االربا: «وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ» أي كفّارٍ باستحلال الرّبا، أثيمٍ فاجرٍ بأكل الرّبا.
الخامسة: الخلود في النّار. قال تعالى : « وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» .
وقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: « اجتنبوا السّبع الموبقات قالوا: يارسول اللّه وما هنّ؟ قال: الشّرك باللّه، والسّحر، وقتل النّفس الّتي حرّم اللّه إلاّ بالحقّ، وأكل الرّبا، وأكل مال اليتيم، والتّولّي يوم الزّحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» .
وما رواه مسلم عن جابر بن عبد اللّه رضي الله تعالى عنهما قال: « لعن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم آكل الرّبا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء».
فهل بعد هذا شك؟
ولا يباح الربا إلا لضرورة، وهي خشية الهلاك بدونه، وعدم وجود طريق آخر لدفع الهلاك.
فاتقي الله تعالى وابحث بجدية عن طريق آخرى آمنة، وادعو الله تعالى لك بالتوفيق، قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) [الطلاق: 2].
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.