2013-11-08 • فتوى رقم 65051
السلام عليكم
فضيلة الشيخ: أرجو أن تفيدوني، أنا أعيش حالة غريبة منذ قرابة 6 أشهر بسبب بعض المشاكل المتراكمة إذ إني دخلت في حالة من اليأس والقنوط والتطير لكني من النوع الكتوم الذي يحبس مشاعر الحزن، فصرت دوما أضغط على نفسي لتجاوز هذا ومن دون أن أدري وجدت نفسي -والعياذ بالله- كأني أحاسب الخالق على حالتي وأجدني أحدث نفسي حديثا غريبا عن قدرة القادر وعن رحمته، أعرف أن هذه وساوس من الشيطان لكني أتعذب وأريد التخلص منها وأخاف من غضب الله علي وأريد أن أحس بحب الله وبالخوف منه في قلبي
أرجوكم انصحوني وادعو لي بصلاح حالي.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فلا مبرر لليأس والقنوط، قال الله تعالى: (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) [الزمر: 53]، واليأس من رحمة الله ذنب أعظم من الذنوب التي كانت سببا في هذا اليأس، فلماذا يغلق العبد على نفسه بابا واسعا فتحه الله تعالى؟!
روى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَبِيَّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ، فَقَالَ: لَا، فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ، فَقَالَ: نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ، انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ الله فَاعْبُدْ الله مَعَهُمْ وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ، فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ، فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى الله، وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ))
فعليك أن تكثر من الالتجاء إلى الله تعالى لاسيما في الثلث الأخير من الليل فإنه وقت إجابة، وعليك أن تعلن له عجزك وضعفك، وتطلب العون والثبات منه، وتسأله العفو والعافية والهدوء والراحة والطمأنينة، وعليك بالإكثار من تلاوة القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الله تعالى، قال الله تعالى: ((ألا بذكر الله تطمئن القلوب))، وذلك من الصلاة والسلام على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم، مع المحافظة على أدعية الصباح والمساء، ودعاء الله تعالى.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.