2006-08-23 • فتوى رقم 6661
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا في بريطانيا منذ أسبوع وسوف أقضي ثلاثة أسابيع ثم أرجع للكويت، وأنا لا أجمع وأقصر في الصلاة، لكن طالباً معي ذهبت لأصلي معه فقال: إنه يجمع ويقصر، وصلينا جمعاً وقصراً، وقال: إن الشيخ ابن عثيمين أفتى بأن الجمع والقصر يجوز حتى لو كانت مدة السفر سنين، أرجو التأكيد، وما هي الحالات التي يجمع ويقصر بها؟
جزاك الله ألف خير.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقد اختلف الفقهاء في تقدير المدة التي إن نواها المسافر يعد بعدها مقيماً لا يجوز له أن يقصر من صلاته:
فذهب الحنفية إلى أنه إن نوى المسافر الإقامة خمسة عشر يوماً فصاعداً صار مقيماً فلا يجوز له القصر من الصلاة.
وذهب الشافعية في الوجه الصحيح عندهم، والأرجح عند المالكية، ورواية عن الإمام أحمد إلى أنه إن نوى المسافر الإقامة في البلد التي وصل إليها أربعة أيام فأكثر غير يومي الدخول والخروج صار مقيماً لا يجوز له القصر من الصلاة،
أما إن لم ينو المسافر مدة يقيم فيها في المكان الذي سافر إليه بسب أن له فيها عملاً لا يعرف متى ينتهي:
فذهب الحنفية والمالكية والصحيح عند الحنابلة إلى أنه لا يصير مقيماً من دخل مسافراً لبلد وعنده حاجة ينتظر قضاءها لا يعلم متى تنقضي حاجته، يقول أخرج اليوم، أخرج غداً، ولم ينو الإقامة أنه لا يصير مقيماً فيقصر إلى أن تقضى حاجته.
أما الشافعية فذهبوا إلى إنه إن كان يتوقع انقضاء حاجته قبل أربعة أيام، وكان ينوي الخروج عند انقضاءها فله القصر إلى أربعة أيام، فإذا تجاوز أربعة أيام ففي المذهب أقوال، أصحها أنه يجوز له القصر إلى ثمانية عشر يوماً.
أما جمع الصلاة فقد أجمع الفقهاء على مشروعيّة الجمع بين الظّهر والعصر في عرفات جمع تقديم في وقت الظّهر، وبين المغرب والعشاء جمع تأخير في مزدلفة في وقت العشاء للحاجّ، لأنّ الرّسول فعل هذا في حجّة الوداع.
أما جمع الصلاة في غير هذين الموطنين :
فذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى جواز الجمع بين الظّهر والعصر، وبين المغرب والعشاء جمع تقديم، أو جمع تأخير بسبب السّفر الطّويل الّذي تقصر فيه الرّباعية ما لم يكن سفر معصية.
وذهب الحنيفة إلى أنّه لا يجوز الجمع للمسافر لا تقديماً ولا تأخيراً.
ومنشأ الاختلاف هو تحديد علّة الرّخصة في جمع النبي في عرفة ومزدلفة : هل هي السّفر أو هي النّسك ؟
فذهب الحنيفة إلى أنّ هذا الجمع من أجل النّسك، ولهذا فلا فرق في ذلك عندهم بين المسافر والحاضر.
وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الجمع بعرفة ومزدلفة رخصة من أجل السّفر، وعليه فيجوز عندهم جمع الصلاة للمسافر.
هذه هي الأقوال المعتمدة عند جماهير فقهاء الأئمة الأربعة.
وعليه: فليس لك قصر الصلاة أو جمعها ما دمت نويت الإقامة لمدة شهر في البلد المسافر إليه، وأتمنى لك التوفيق.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.