2014-11-05 • فتوى رقم 69960
ما حكم تأخير صلاة الصبح؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فلا يجوز للمسلم تأخير الصلاة عن آخر وقتها لغير ضرورة، قال تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً) (النساء: من الآية103).
أما تأخير الفجر عن أول وقتها وأداؤها في ضمن الوقت، فقد ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الإِسْفَارُ بِالْفَجْرِ أَيْ تَأْخِيرُهُ إِلَى أَنْ يَنْتَشِرَ الضَّوْءُ، وَيَتَمَكَّنَ كُل مَنْ يُرِيدُ الصَّلاَةَ بِجَمَاعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ أَنْ يَسِيرَ فِي الطَّرِيقِ بِدُونِ أَنْ يَلْحَقَهُ ضَرَرٌ، كَأَنْ تَزِل قَدَمُهُ، أَوْ يَقَعَ فِي حُفْرَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَضْرَارِ الَّتِي تَنْشَأُ مِنَ السَّيْرِ فِي الظَّلاَمِ، وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلأْجْرِ) رواه الترمذي؛ لأَنَّ فِي الإِسْفَارِ تَكْثِيرًا لِلْجَمَاعَةِ، وَفِي التَّغْلِيسِ أَيِ السَّيْرِ فِي الظُّلْمَةِ تَقْلِيلُهَا، فَكَانَ أَفْضَل، هَذَا فِي حَقِّ الرِّجَال، أَمَّا النِّسَاءُ فَإِنَّهُنَّ يُصَلِّينَ فِي بُيُوتِهِنَّ أَوَّل الْوَقْتِ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الشَّابَّاتُ وَالْعَجَائِزُ، لاَ سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ.
وَكَذَلِكَ الْحَاجُّ فِي مُزْدَلِفَةَ فَجْرَ يَوْمِ النَّحْرِ، يُصَلِّي الْفَجْرَ بِغَلَسٍ فِي أَوَّل الْوَقْتِ؛ لِيَتَفَرَّغَ لِوَاجِبِ الْوُقُوفِ الَّذِي يَبْدَأُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي يَوْمَ النَّحْرِ وَآخِرُهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْهُ؛ لأَِنَّ الْوُقُوفَ وَاجِبٌ مِنْ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ التَّغْلِيسَ - أَيِ السَّيْرَ فِي الظَّلاَمِ - أَفْضَل؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ: (كُنَّ نِسَاءُ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ مَعَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَةَ الْفَجْرِ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ حِينَ يَقْضِينَ الصَّلاَةَ لاَ يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الْغَلَسِ) رواه البخاري.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.