2014-11-18 • فتوى رقم 70264
أنا سيدة في الثلاثينات من العمر، أشغل منصبا علميا مرموقًا، مطلقة منذ عامين ولديّ طفلان، وأعيش مع طفليّ منذ الطلاق وحدي، في شقة خاصة بي، بخلاف شقة الزوجية الأولى وشقة أهلي، بدأت أشعر بوحدة شديدة، وخاصة أن أخي مسافر للخارج، ولا أكاد أراه إلا لمامًا، والدي رجل كبير سبعيني، وأمي ترعاه، أتعرض لكثير من الفتن رغم حرصي الشديد على تجنب الاختلاط، وتجنب الحرام، ولكن الشعور بالوحدة يقتلني، وأهلي يمانعون زواجي خشية على صغاري، كما أن والد أولادي يلاحقني بالمضايقات، وهو رجل أعمال كبير، ومتشعب العلاقات، ويهددني دوما، تقدم لي زميل أحسبه على خير، متدين وناجح في عمله، وأحسست بتقارب روحي وقلبي وعقلي بيني وبينه كبير، ولكن أخاف من أب أولادي، كما أن أبي معترض عليه لتوجهاته الفكرية المختلفة مع توجهات أبي والمتفقة معي تماما، وأيضا هذا الزميل متزوج وأهله يرفضون بشدة فكرة التعدد لدرجة تهديده أن يتبرؤوا منه إن فعل ذلك، وزوجته أيضا رافضة وستفصل إن علمت بهذا الأمر، هل يمكن أن أتزوجه بعقد شرعي موثق على يد مأذون بكامل حقوقي التي يكفلها لي الشرع والقانون، ولكن بدون ولي؟ وبمعرفة عدد محدود وقليل من المقربين؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
الفقهاء مختلفون في اشتراط موافقة الولي في زواج الفتاة العاقلة البالفة، سواء أكانت ثيباً أو بكراً، وقوانين الأحوال الشخصية في العالمين العربي والإسلامي مختلفة بحسب اختلاف الفقهاء في ذلك، فالبعض يقول لا يشترط الولي في زواج الثيب والبكر إذا كانت بالغة عاقلة رشيدة، ولها أن تزوج نفسها متى بلغت عاقلة بمن تشاء، بشرط أن يكون الزوج مكافئاً لها ومناسباً لها والمهر مهر المثل، وبعضهم يشترط الولي إذا كانت بكراً، والأكثرون على عدم اشتراط الولي إذا كانت ثيباً بالغة، ولكنني لا أرجح زواج الفتاة دون موافقة الولي حتى عند من أجازه، لما قد يترتب عليه من آثار اجتماعية غير مستحسنة.
ويمكنك أن تتزوجي بعلم القاضي الشرعي.
وعليك بصلاة الاستخارة فبها يوجهك الله تعالى إلى ما فيه الخير إن شاء الله تعالى، فهو وحده علام الغيوب، وصلاة الاستخارة تكون بصلاة ركعتين لله تعالى نفلاً في وقت تكون فيه نفس المصلي مطمئنة ومرتاحة، ويحسن أن تكون بعد صلاة العشاء، وفي غرفة هادئة، فيصلي المستخير لله تعالى في أمر مباح ركعتين، ثم يجلس بعدهما متجها للقبلة ويدعو الله تعالى بدعاء الاستخارة المأثور، (اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر .... خير لي في ديني ومعاشي وعاقبةِ أمري فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر ... شر لي في ديني ومعاشي وعاقبةِ أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به)، ثم يسمي حاجته، ثم يغمض عينيه ويتفكر في قضيته التي يريد الاستخارة فيها، فإن انشرح قلبه لها مضى فيها، وإلا أعرض عنها، فإذا لم يحس بشيء يصلي لله تعالى ركعتين مرة ثانية، ثم يدعو الله تعالى مثل الأولى، ويتفكر أيضا ، فإذا لم يتضح له شيء يعيد الصلاة والدعاء والتفكر إلى سبع مرات، ثم ينام ويترك أمره لله تعالى، وهو سوف يوفقه إلى ما فيه الخير من حيث لا يدري إن شاء الله تعالى. وليس هنالك سور محددة لصلاة الاستخارة، وإذا قرأ المستخير في الركعة الأولى (قل يا أيها الكافرون)، وفي الثانية (قل هو الله أحد)، كان حسناً.
وأسأل الله أن يرشدك لصواب أمرك، وأن يسدد رأيك.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.