2006-09-21 • فتوى رقم 7063
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الصادق الأمين.
سؤالي عن حكم الشرع في مقاطعة المغتاب والنمام.
العبد لله طالب مقيم خارج بلدي مع اثنين من زملاء الدراسة من أبناء بلدي؛ حدث لي مرة معهم هذا الموقف: (ذات يوم ذهبوا إلى فسحة مع بقية الأصدقاء، ولم أذهب معهم لانشغالي بدراستي وبحثي ذلك اليوم، رجعت إلي البيت الذي نقيم فيه وقفلت الباب من الداخل بالمفتاح مما يوحي لأي قادم بعدي أنه لا أحد في البيت، بعد فترة حضرا رفيقي في السكن، ولأن الباب كان مقفلا بالمفتاح أعتقدا بأني لست في البيت وسمعت تحاورهما عني، حيث كانوا يحملون معهم بقية أمتعة الرحلة( الزردة) من مناديل ورقية وبقية أغذية وخلافه، سمعت أحدهم يحدث الأخر قائلا: هذا المنديل سوف نعطيه لفلان ( وذكر اسمي)، فرد الأخر ضاحكاً: ومعه كوب بلاستك معفج (مضغوط وغير صالح للاستعمال).
الحديث حدث في مطبخ البيت المجاور لغرفتي، تمالكت نفسي ولم أفتح باب غرفتي للرد عليهما.
لا أعرف سبب هذه الغيبة والسخرية والاختقار رغم أننا نسكن معا منذ فترة طويلة، تجاوزت السنتين وكنا خلالهما نتعامل بأحترام، مع العلم بأن الشخص الأول قد أساء الأدب معي مرة بتلفظه بألفاظ بذيئة، ولم يعتذر حين واجهته، ورغم ذلك تغاضيت عن خطئه، لذا قررت مقاطعتهما وعدم الحديث معهما، وقد لاحظوا ذلك، فقام الشخص التاني بمكالمتي مرة هاتفيا في وقت كنت فيه في الجامعة ويسألني عن سبب المقاطعة، ولم يتحدث معي بشكل مباشر رغم أننا نسكن في نفس البيت.
وذات مرة سمعت حديثا لشقيق الشخص الأول - وهو طالب يدرس في نفس المدينة، لكنه يسكن في بيت أخر - يسأل عن سبب عدم جلوسي معهم.
اتصلت به هاتفيا في اليوم التالي لأخبره عن السبب، وبدأت في حديث معه عنما سمعت؛ فأنكر ذلك واتهمني بأنه تخيلات وأوهام، وانسحبت حينها ولم أكمل الحديث معه.
تدخل في الموضوع طرف آخر هو شخص أكبر مني سنا، وحاج لبيت الله، وأخبرته بما حدث معني، وحدث أن تقابلنا في بيته مع شقيق رفيقي في السكن وبعض الأصدقاء لكي يسمعوا مني، ويقوموا بمحاولة الإصلاح.
وحدث أيضا بأن شقيق رفيقي في السكن ثأر في وجهي ونعتني بعدة صفات؛ وتمالتكت نفسي وبحكمة الموجودين تم احتواء الموضوع، واعتذر في نهاية الجلسة وغادر قبلنا إلي بيتي الذي أقيم فيه مع أخوه والشخص الأخر، وبعد ساعة لحقت بهم مع اثنين من الزملاء، وما أن بدأ الحاج الحديث؛ حتي نهض الشخص الأخر غاضبا قائلا : هذا تفتف (أي حديث فارغ )، وبدأ في استرجاع موقف في الماضي يحمله في نفسه ظنا بالعبد لله طن سوء، رغم مضي عدة سنوات على ذلك الموقف، بل تمادى في تلفظه وأضحك الجالسين علي بترديده بعض العبارات التي أستخدمها عادة في أحاديثي، وهي :( إن الصمت أبلغ تعبيراً من الازدراء)، وكذلك بعض الأمثال الشعبية المتدوالة في بلادنا.
وبعدها قأم الشخص الأول بأخذ دوره في الحديث، ووصغني قائلا بأني أغير في الكلام، وأن هنالك شيءً في رأسي، ووصفه بأنه ( حقد).
طوال تلك الجلسة لم أرد على أحد منهما بل اكتفيت بالاستماع، ورد الحاج أننا يجب أن ننصالح ونتقابل في عرس فلان (ذكر اسمي ).
حينها رد الشخص الثاني قائلا: الله يكون في عون من تتنزوجه، وهو على هذا الشكل، فضحك من كان موجوداً.
رغم كل ذلك بعد انصراف الحاضرين وبقائي مع رفيقي في السكن، تحدث مع الشخص الثاني بأنه تمادى في وصفه ونعته لي وتجاوز حدوده في التداخل في طبيعة حياتي الزوجية مستقبلا.
وفي اليوم الثاني رغم الإساءة تكلمت مع الشخص الأول الذي نعتني بأن في رأسي (حقد) بسسب صمتي وعدم ردي عليهما في معظم الأحاديث التي تدور بيننا، والسبب لأني أفضل الصمت عن كثرة اللغو والمزاح والهرج، وأخبرته قائلا: بأن الصمت أقرب إلي البر، فرد قائلا : إذا كان هذا البر، فكيف يكون الحقد؟ لم أرد عليه، وتركته.
وحاليا لغاية كتابتي إليكم لم أجلس معهما ولم أثحدث إليهما، وكلنا يتجنب مقابلة الأخر، وأسعي الأن للانتقال إلي سكن أخر لكي أستمر في دراستي براحة بال.
سؤالي مع الاعتذار على الإطالة: هل مقاطعتي لهما وعدم مجالستهما أو الحديث معهما جائزة شرعاً رغم محاولة الأصدقاء مرة فأخرى للإصلاح إلا أنهما يرفضان وبشدة الحديث في الموضوع؟
ما حكم الشرع في مقاطعتهما وعدم الحديث معهما؟
وللأمانة فإني دعوت الله تعالي أن يرد لي مضلمتي منهما، فحسبي الله ونعم الوكيل.
وبارك الله فيك، وجزاك عني خيرا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فلا يجوز لك مقاطعة صديقيك - على ما فعلاه معك - أكثر من ثلاث ليال، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم :(لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثِ ليال, يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)، أخرجه البخاري ومسلم.
وعليه: فليس لك مقاطعتهما شرعاً لما ذكرت، ولكن لتكن - إذا أردت - علاقتك بهما رسمية.
وفقكم الله تعالى لكل خير، وأصلح فيما بينكم.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.