2015-02-04 • فتوى رقم 71878
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا شيخ ما هي العورات؟ أليس كل ما يسيء الإنسان يعتبر عورة أم روعة؟ مثلا: لو أن إنسانا مطلقا ولا يريد أن يخبر أصدقاءه بذلك، فهذا لن يفيدهم ولكن يضره، هو عنده أسبابه، والآن إن تقدم لخطبة أحد فإنه -لأن الزواج الآن يسجل- لا يستطيع أن يغش أحدا، فهو طبيعي مكتوب في بياناته بالدولة، وكما أنه لا يريد إخبار أحد إلا من يتقدم ليرتبط بها، فيما عدا ذلك فلن يزيد المحيطون بي شيئا، ولن يضرهم، وأصبحوا يبحثون عن أخباري بحجة أنني شخص كتوم، يعني لو كذبتهم وأعطيتهم معلومات عني خاطئة كانوا سيطمئنون واقتصرت عنهم وقاطعتهم، ولكنهم ما زالوا يتتبعون أخباري ويقذفونني بالكذب؛ لكي أثبت لهم العكس، فيكتشفوا حقيقة أمري قس على ذلك كل أمور حياتي، وللأسف فهي ظاهرة متفشية في المجتمع، فكلما رافقت غيرهم وجدتهم هكذا، بل ويحكون عن الآخرين، وإن ذكرتهم بالأحاديث مثلا: لا تجسسوا ولا تحسسوا، يقولون حب استطلاع، ويتهمونني بأني لست طبيعيا، وأن أمثالي ليسوا على وجه الأرض، أصبحت أنا المريض النفسي؛ لأنني لا أريد أن أتعقب أحدا، ولا أحد يتعقبني، ويعدون معرفتهم لأسرار أخبار أصدقائهم انتصارا لذكائهم ودهائهم، وكلما قلت لهم: إن هذا إملاء وأن الله يتتبع عورات من تتبع عورات أخيه المسلم وأنه يفضحه بعورته في عقر داره، وأن هذا من وعد الغرور الذي وعدهم الشيطان به؛ لأنه لا يحبهم فهو لا يكترث لأمر الآخرين، فهم لهم شياطينهم الموكلون بهم أيضا، ولكنه يريد أن يهلك أنسيه ويعلم عاقبة ذلك فيزينه لهم، ثانيا: صديقي أخبرني بأنه كان له سر وسأل الله أن يستره، ولكن افتضح هذا الأمر، فهل هذا غضب من الله؟ وهل هو لأنه كان يتعقب الآخرين؟ مع أنه تاب وأناب وأستغفر، وهل الله يمكر بالعبد بعد استغفار وتوبته؟ وهل الله الذي أمر عباده بالستر يفضح هو عبده مع أنه استغفر وأناب؟ وذكر لي: حديث سيدنا موسي أنه سأل ربه من العبد المذنب فقال لم أفضحه عاصيا أفأفضحه وقد تاب؟ فلم أجد ما أرد به عليه، فقلت: وفوق كل ذي علم عليم، أسأل شيخي ثم أرد عليك إن شاء الله، فأولا: هل يا شيخ أنا مريض نفسيا كما يقولون أم من القابضين على الجمر في هذا الزمان؟ انصحني هل أنا مطالب بشرح تفصيلي لأدق تفاصيل حياتي حتى أجتنب الشبهات؟ هل أكذب حتى أصرفهم عني؟ وطبعا هذا استفهام استنكاري حاشا أن تأمرني به، لكن أتعجب من حال الناس الذي لديهم الكثير من الوقت في التجسس والكلام عن الآخرين، وشكواهم قصر الوقت في الطاعة، عزمت على أن أقتصر عن الجميع، ولا أصاحب أحدا، أشعر أنه عصر الفتنة، ويقولون لي: والله لو كنت حافظا كتاب الله وفي المسجد لا نأمن أنك مخادع لما رأينا من ذلك من قبل، فمالي أنا، ثم أنا لا أدعى الصلاح، ولكن على أي حال لا يتركونني وشأني.
ثانيا: بماذا تنصح أخانا هذا، وبما تصبره، وكيف يتقبل مصيبته هذه؟ وكيف يأمن مكر الله مع الاستغفار والتوبة؟ وكيف لا يسيء الظن بالله؟ أريده أن يحسن الظن بالله، ولكن لا أعرف بما أرد عليه، أريدك أن تطيب بخاطره وتأخذ بيده إلى الله حتى لا يعود لسابق عهده، إذا وجد أن الأمر سيان.
جزاك الله خيرا، آسف للإطالة ولكن السؤالين مرتبطين ببعض.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالتّجسّس على المسلمين في الأصل حرام منهيّ عنه، لقوله تعالى: «ولا تجسّسوا» لأنّ فيه تتبّع عورات المسلمين ومعايبهم والاستكشاف عمّا ستروه.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: «يا معشر مَنْ آمن بلسانه ولم يدخل الإيمانُ إلى قلبه لا تتبّعوا عوراتِ المسلمين. فإنّ من تتبّعَ عوراتِ المسلمين تتبّع الله عورتَه حتّى يفضحه ولو في جوف بيته» أخرجه الترمذي.
وأرجو أن تشغل نفسك بما ينفعها، وتصرف النظر عن كلام الناس ولا تلقي له بالا، أما السؤال الثاني فلا يمكن الجواب عنه فيحتاج لتفصيلات ومشافهة.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.