2015-02-21 • فتوى رقم 72238
باسم الله الرحمن الرحيم
استفتيكم جزاكم الله خيرا عن كبيرة ارتكبتها، وهي أنني اقترضت سلفا ربويا من مؤسسة ربوية بالمغرب؛ لبناء مسكن شخصي، وكنت حينذاك غير مضطر لارتكاب هذا الذنب العظيم؛ لكوني أسكن في بيت تابع للدولة بثمن رمزي جدا، لكن السكن ضيق شيئا ما، أتعرض فيه أحيانا للإحراج مع أولادي أو مع ضيوفي، علما أنني كنت أعلم بحرمة الاقتراض من البنك الربوي، وأن الربا كبيرة من الكبائر، تسرعت في ارتكاب هذا الإثم العظيم عندما سمعت بفتوى للعلامة الشيخ القرضاوي حين أفتى للمغاربة بجواز الاقتراض من البنك الربوي لبناء أو اقتناء مسكن شخصي؛ لعدم وجود البنوك الإسلامية بالمغرب، ولعدم وجود أية وسيلة للحصول على قرض بدون فوائد ربوية، قياسا على فتوى أجازت للمهاجرين في الدول الغربية الاقتراض من البنوك الربوية لهذا الغرض؛ لعدم وجود بنوك إسلامية في هذه الدول، هذا ما شجعني لارتكاب هذا الذنب العظيم، لمكانة الشيخ القرضاوي في نفسي، ولثقتي بعلمه، زيادة على سكوت علماء المغرب عن هذه الفتوى بعدم الرد عليها لا بالرفض ولا بالبديل، ولما سمعت بكثير من الفتاوى هنا أوهناك تبطل فتوى الشيخ القرضاوي ندمت على ما ارتكبت، وصرت أبحث عن المخرج من هذه الورطة وعن التوبة، السؤال: هل أبيع هذا المنزل وأرد للبنك ما بقي بذمتي من رأس المال؟
جزاكم الله خيرا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فلا يجوز أخذ قرض بفائدة للنهي عن ذلك بقوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة:275]، والربا من أشد المحرمات عند الله تعالى، وقد أعلن الله الحرب على آكلها، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ الله وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ ...﴾ [البقرة:278-279]، ولا يباح الربا إلا لضرورة، وهي خشية الهلاك بدونه، وعدم وجود طريق آخر لدفع الهلاك.
وعلى المتورط في ذلك أن يسارع إلى سداد القرض الربوي كله، ويبذل في ذلك كل وسعه، ولو ببيع شيء مما يملكه، مع التوبة النصوح والاستغفار، والعزم على عدم العود لذلك في المستقبل، والتوبة الصادقة النصوح التي يتبعها عمل صالح تمحو الذنوب كلها بإذن الله تعالى، قال تعالى: ﴿إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ [الفرقان:70].
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.