2015-02-27 • فتوى رقم 72320
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبي رجل في الخامسة والستين من عمره، ورث هذه السنة من بيت أبيه (متوفى قبل 22 سنة) مبلغا من المال (مئة ألف دولار إلى مئة وخمسين ألف دولار)، وسبب التأخير في بيع البيت أن أمه التي لا تزال على قيد الحياة تعيش في البيت مع أخوات أبي، وهما اثنتان أحدهما لديها راتب تقاعدي وقطعة أرض فارغة، والثانية أستاذة جامعية لديها راتب يكفي لأسرة مكونة من أربعة أو خمسة أفراد لو كانت متزوجة.
بعد بيع بيت جدي قام أبي بإهداء نصف حصته (ما بين خمسين إلى خمسة وسبعون ألف دولار) إلى أمه وأخواته؛ بحجة أن حصتهم لا تكفي لشراء بيت لهم، ولكن الحقيقة أن حصصهم تكفي لشراء بيت مساحته مئة متر مربع، وهو أعطاهم هذا المبلغ ليبقوا على نفس بيت أبيهم (جدي) ويسكنوا على مساحة مئتين متر مربع. سؤالي هو: هل يحل لأبي فعل هذا؟ علما أن لدى أبي أربعة أولاد (ولدين وبنتين) البنت الكبيرة متزوجة، وزوجها لا يصرف عليها، وتعيش في دار غربة؛ لأن غير مسموح لها السفر بدون ابنتها، وعليها دين أكثر من ثلاثين ألف دولار، ابنه الكبير (أنا) مهاجر حديثا، متزوج وعندي طفلان، وخريج جامعة، ليس لدي أي ملك، أسكن في إيجار، وأعيش على المعونات الاجتماعية منذ سنة، وطبعا ليس عندي حتى سيارة، البنت الثانية لأبي مطلقة، وتعيش مع أمي وابنها على خلاف كبير مع أبي، ولا يصرف عليها مطلقا، الابن الثاني (وهو الأخير) عمره ثمان وعشرين سنة، خريج جامعة غير متزوج، مهاجر في دولة أجنبية، يعيش في سكن مشترك، يعيش على المعونة الاجتماعية، غالبا ما يبات جائعا، يمشي في ظروف جوية قاسية لمدة ساعة أو ساعتين ليحصل على طعام بقيمة عشرة دولارات، لا يكفي لأكثر من خمسة أيام.
أبي يعرض علينا المساعدات بين فترة وأخرى، ولكننا لا نقبلها لاعتقادنا أنه يحتاج هذا المال أكثر منا لكونه رجل ستيني، ولكن صدمنا عندما قرر إعطاء مبلغ كبير خمسين إلى خمسة وسبعون ألف دولار هبة إلى أخواته. وأبي مقتنع أن ما يفعله صواب وسيؤجر عليه.
أولا: ما قول الشرع جزاكم الله خيرا في هذا التصرف؟
ثانيا: هل تجوز مقاطعة هكذا أب (كما قال سيدنا عمر لمن ظلم ولده: لقد عققته قبل أن يعقك)؟
ملاحظة:
1- أبي طلق أمي الطلقة الثالثة بعد ثمان وثلاثين سنة زواج، وباع البيت الوحيد الذي يملكه، وأعطى أمي مبلغا لا يكفي لشراء بيت، ولكن أمي أجبرته أن يزيد المبلغ حتى اشترت بيتا، وهي تعيش مع أختي المطلقة المسؤولة عن ابنها.
2- باقي حصة أبي سيشتري بها بيتا له؛ لأنه باع بيته الوحيد.
3- إخوة أبي رفضوا إهداء مبلغ من حصصهم، لعلمهم أن الحصص أو مال الإرث الذي حصلت عليه البنات مع الأم يكفي لشراء بيت.
4- أبي كان فقيرا لاسيما في التسعينيات، تحملنا الجوع لعلمنا أن هذا رزق وليس بيده حيلة، وعندما أصبح غنيا يهب المال لأختيه!.
5- هناك احتمال كبير أن أختاه وأمه سيهاجرون ليلحقوا الأخت المقيمة في كندا.
6- نحن عائلة ملتزمة بالدين ونراعي حق الله في أموالنا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالمال مال الأب وهو حر التصرف فيه، ولا إثم عليه فيما فعل، لكن كان الأجدر والأولى به أن ينفق على من هو أكثر حاجة كأبنائه المحتاجين، وإن لم تتم الهبة بعد لأختيه، فيمكن أن ينصح باللطف واللين والحكمة ليعدل عن هذه الهبة لأختيه، ثم يُترك ليُقرر ما يريد، وأسأل الله تعالى لكم التوفيق.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.