2015-03-13 • فتوى رقم 72603
السلام عليكم
أنا قرأت الكثير من فتاواكم على موقعكم هذا لأتفقه بأمور الدين، وأصبت بالعزلة والاكتئاب، وأصبحت شبه منبوذة؛ لأني وجدت نفسي أعيش بمجتمع كله على خطأ، حتى البيت الذي أعيش فيه، أي أهلي، وزوجي، وأبنائي، حتى أنا أرتكب بعض الأخطاء البسيطة، لكن دون علم أو قصد، فأنا أفقه أمور الدين الحلال والحرام، ولكن هناك أشياء بسيطة كسماع الأغاني مثلا، ورؤية التلفاز، والنت، لا أستطيع البعد عنها؛ لأنها موجودة بكل مكان في مجتمعنا، وتسمعها أينما كنت؛ لأنها أصبحت متعايشة كعادة مع الناس، فنحن بعصر متطور بكل شيء، لذلك أصبح الجميع ينزعج مني؛ لأني أصبحت أصحح أخطائهم بلطف، ولكن لا يتقبلون النصيحة، ووصفوني بالمعقدة، والمنعزلة، وقالوا لي: ديننا دين يسر وليس عسرا، والله لا يكلف نفسا، ولا ترموا أنفسكم بالتهلكة، وإن هناك آيات قرآنية كثيرة تدل على اليسر بديننا، وإن لكل بلد عرف متعارف عليه، فأمور الدين والفتوى تختلف من عرف لآخر، وإن الفتوى تختلف بالإفتاء من شخص لآخر، ولو كان موضوع الفتوى واحدا، لأن لكل شخص بيئته، وظرفه، وعرفه الخاص، وإننا بعصر وزمن متطور ومختلف عن زمان الأنبياء والرسل، فيجب التعايش مع زماننا طبعا بحدود الدين الذي ذكر بالقرآن؛ لأن التشديد الكثير، وعدم التسهيل بالدين، يدفع الكثير للنفور من الدين، وخاصة الشباب الطائش الذي ينوي الهداية، وعندما يرى التشديد (لا تسمع أغاني، لا ترى مسلسلات وأفلام، لا تخالط الجنس الآخر بالجامعات والعمل وإلخ) والبيئة المحيطة به تجبره على فعل ذلك لأن الحياة كلها هكذا تسير، فعندما نطلب منه عدم فعل ذلك سيرى نفسه غريبا بطبعه عن باقي أفراد مجتمعه، فماذا أفعل؟ هل أتعايش وأسير مع الناس ومع زمننا بما فيه، أم ماذا؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فاستمري في نصيحة الناس إذا وقعوا في المعاصي، وليكن ذلك بالحكمة واللطف والقول الحسن، وذلك من الجهاد، ولك أعظم الأجر، ولتكن نفسك طيبة بما تفعلين، فلك عند الله أجر عظيم إن أخلصت النية، وأهم شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون المحتسب عالما فقيها، وأن يكون محل المنكر متفقا على عده منكرا وغير مختلف فيه بين الفقهاء، وإن يتدرج فيه من الأيسر إلى الأشد، وأسأل الله لك التوفيق.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.