2015-06-21 • فتوى رقم 74027
السلام عليكم
والدي تزوج امرأة ثانية بعد الزواج من أمي بأربع سنين، لكنه لم يكن يعدل بين الزوجتين، ويميز الثانية عن الأولى في المصروف الشهري للبيت، ويمكن أن يغيب بالأيام أو الشهور عن بيت أمي، وكان يعاملنا معاملة جافة منذ الطفولة، وتقريبا أقصى حديث بيننا وبينه (كيف حالك؟ الحمد لله) رغم أننا نحترمه جدا، ولم نسء إليه أبدا، لم نر منه غير الذل والإهانة على مصاريف البيت التي لم تكن تكفي احتياجاتنا الأساسية، إلى جانب مرتب أمي من عملها رغم أنه مقتدر ماديا، علما أنه لا يصلي، ولا يصوم، ولا يؤتي الله أي فروض، منذ سنة علمنا أنه متزوج من امرأة ثانية -لم نكن نعلم أنه متزوج قبل ذلك- واشترط علينا أن نتعرف على أولاده من زوجته الثانية مقابل أن يتحدث معنا أو يصرف علينا، لكننا رفضنا ذلك لِما في نفوسنا من غضب منه لإهانته هو وزوجته لنا ولأمي بالقول والفعل طول سنين حياتنا، وبالفعل مضت سنة كاملة ولم يصرف علينا مالا نهائيا رغم محاولاتنا الحديث معه والصلح معه هو وحده بدون أولاده، لكنه رفض وتمسك بشرطه، ما حكم الشرع في تصرفه وفي تصرفنا؟ وهل تصرفنا فيه عقوق له؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فما طلبه منكم من حقه، فعليكم الحديث مع إخوتكم لأبيكم، أما عن معاملته القاسية لكم فعليكم الاستمرار بنصحه بحكمة وموعظة حسنة، (أو توكلوا أحدا ذا مكانة وحكمة ليقوم بذلك) وذلك في أوقات الراحة، وتذكيره الدائم بالله تعالى، وأنه مطلع على جميع حركاته وسكناته، ولا يخفى عليه خافية، وأنا عباد لله وسيأتي اليوم الذي سيحاسبنا فيه عن جميع أفعالنا، إن خيراً فخير وإن شراً فشر.
وأسال الله تعالى أن يهديه ويوفقكم لنصحه بالحكمة والموعظة الحسنة.
وأوصيكم بكثرة الدعاء له بالهداية والاستقامة وقتَ السحر في الثلث الأخير من الليل فإنه وقت إجابة إن شاء الله تعالى، وأسأل الله تعالى له الهداية العاجلة.
وأوصيكم مع ذلك ببر هذا الوالد والإحسان إليه فحق الأبوين على الأولاد كبير جداً، ولا يجوز للأولاد التنكر لهذا الحق مهما قصر الأبوان في حقهم، وعليهم القيام به في حدود الإمكان، وعليهم أيضاً ترك محاسبة الآباء أو الأمهات عن تقصيرهم في حق الأبناء، فبرُّ الوالدين باب عظيم من أبواب الخير والقرب من الله تعالى لا ينبغي للولد أن يحرم نفسه من ولوج هذا الباب، ولا شك أنه سيتغير معكم إن عاملتموه بالحسنى وداومتم على ذلك، بل إن الله تعالى سيكرمكم بما تحبون.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.