2015-06-28 • فتوى رقم 74231
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالك يا شيخ؟ أنا إنسان أذنبت ذنبا عظيما، هو أني اغتصبت طفلة كانت ساكنة عندنا، وعلم أهل الطفلة بالموضوع، لكن لم يعلموا أني اغتصبتها، يعتقدون أنه مجرد تحرش فقط، ونقلوا من عندنا، وأنا نادم على ذنبي، وأحس بضيق، هل لي توبة؟
أتمنى أن ترد علي الله يسعدك.
وأيضا عندي سؤال ثاني: هل الإيجار الذي كنا نأخذه من عندهم عندما كانوا ساكنين عندنا يعتبر مالا حراما بسبب فعلتي أم لا؟ وهل من يسكن بدلا منهم ويأتي في الشقة التي هم فيها ويدفعون لنا الآجار يعتبر مالا حراما؟ أتمنى أن ترد علي بأسرع وقت، أنا والله أحس بالموت من كثرت التفكير والضيق، لا أدري ماذا أفعل، أحس أن مالنا ودخلنا حرام؛ بسبب فعلتي، وأنه لا يحق لي أخذ مال الآجار ممن يسكن في الشقة بسب فعلتي، لا أدري اعتقادي على صواب أم أنها مجرد وساوس، وهل لي توبة؟ وإن كان علي عقوبة أنا مستعد لها، أهم شيء أن يتوب علي ربي، وأهل الطفلة على علم أني لم أغتصبها، بل مجرد تحرش، وقاتلوني وزعلوا مني ورحلوا من عندنا، أتمنى الإجابة علي قبل ألا أذبح نفسي من الضيق الذي أحس فيه الله يسعدك، وهل يجب علي أن أذهب لهم وأعترف بذنبي؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
الزنى من كبائر الذنوب، وعقوبته إذا رفع للقاضي ذكراً كان أو أنثى وثبت الزنى منه بالإقرار أو بشهادة أربعة شهود عدول أن يجلد مئة جلدة إذا كان أعزب، والقتل رجماً بالحجارة إذا كان متزوجاً من سابق، وإذا لم يرفع للقاضي وستره الله تعالى فيكفيه التوبة النصوح، بالندم والعزم على عدم العود والإكثار من الاستغفار والعمل الصالح...
فما فعلته من أكبر المعاصي، وعليك التوبة منه فوراً إلى الله تعالى، وعدم العود إلى مثله أبداً، فالله تعالى نهانا عن ذلك فقال: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً }[الإسراء:32]، وقال أيضا: (وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) [الأنعام:151].
ومن تاب تاب الله تعالى عليه، لكن ينبغي التوبة النصوح التي لا عودة فيها إلى عصيان الله تعالى أو إلى ما لا يرضيه، والتوبة الصادقة النصوح التي يتبعها عمل صالح تمحو الذنوب كلها بإذن الله تعالى، قال تعالى: (إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان:70].
فعليك البعد عن أسباب المعصية، ودعاء الله تعالى أن يسر لك الزواج من فتاة تعفك، وكثرة التضرع له بذلك، وملئ وقتك بأعمال مفيدة ونافعة تملئ الوقت، مع مراقبة الله عز وجل، والانشغال بطاعته ومراقبته وكثرة الذكر له، والتذكر الدائم للموت، وعليك مجاهدة النفس وعدم الاستسلام لها إن أمرت بما لا يحل، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ [العنكبوت:69]، وقال أيضًا: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات:40-41]، وعليك بكثرة الصوم لقوله عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه البخاري: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) ففي الحديث حث للشباب المستطيع على الزواج، لأنه حصن ووقاية من الوقوع في المحرم، وفيه إرشاد لمن لم يستطع بعد تحمل نفقات النكاح ومؤنته أن يصوم ففيه وقاية للشاب من الوقوع في المعاصي، ويمكنك إن خشيت على نفسك الفاحشة الزواج بفتاة ذات مهر ومتطلبات قليلة، كبعض الأرامل أو الأيتام أو العوانس أو من حاله مثلهن، ولا أظنك تعدم واحدة من هؤلاء تعف بها نفسك، وأسأل الله أن ييسر أمرك ويفرج كربك.
ثم إن كنت صادقا في توبتك نادما على فعلتك حريصا على البعد عن كل فتاة أجنبية عنك، غاضا بصرك عن المحرمات، فاعلم أن الله يقبل التوب ويغفر الذنب، قال الله تعالى: ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) [الزمر: 53].
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.