2015-07-27 • فتوى رقم 74798
كان أبي مريضا وحزينا، وشاهدت برنامجا أن رجلا رحم امرأة مريضة فتسبب له بالتهاب رئوي وماتت، وأخذت أبي معي يوما لمنزلي وأنا أفكر بالمكيف، وكان قد استحم قبل أخذه، وشغلت عليه المكيف وهو بوجه لمدة ساعة، وثم لم أستطيع حمله، فسحبته بقوة، ومع إنزالي له بالدرج كان هناك بلاطة حادة جرحت ظهره، وقد أكون متعمدا، وثم أعدته وزاد مرضه، وتيبَّست مفاصله، وبعد فترة برئ جرحه، لم يبق إلا صغيرا جدا لا أذكر المدة، كان يعاني من إسهال، وحرارة، ويوما تفل دما، وأدخل المستشفى ثلاثة شهور، ومات هناك، واليوم نادم وحزين جدا، وقد سامحني عدد من إخواني وأمي، وأعطيتهم من مالي، وخائف من الإثم؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن قصرت في خدمته أو قصدت إضراره فعليك التوبة والندم والاستغفار والإكثار من فعل الصالحات، مع بره الآن، فيمكن بر الوالدين بعد موتهما بالإكثار من الدعاء لهما، ويمكن فعل ماشاء العبد من الطاعات النوافل وهبة ثوابها لهما، فيصل الثواب إليهما إن شاء الله تعالى، دون أن ينقص من أجره هو شيء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له)) أخرجه مسلم.
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ ممّا يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علّمه ونشره، أو ولداً صالحاً تركه، أو مصحفاً ورّثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً لابن السّبيل بناه، - أو نهراً أجراه، أو صدقةً أخرجها من ماله في صحّته وحياته يلحقه من بعد موته» رواه بان ماجه.
وله أن يبرّ صديقهما، فإنّ حفظ الود لأصدقاء الأبوين هو من برهما.
وعَنْ أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ بَقِيَ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا؟ قَالَ: " نَعَمْ، الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا تُوصَلُ إِلَّا بِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا» رَوَاهُ أَبو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، والحاكم في المستدرك وصححه. معنى الصلاة عليهما: أي الدعاء لهما.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.