2015-10-02 • فتوى رقم 75851
أنا يا شيخ لا أتجاوز 25 من العمر، ولا أعرف ماذا أفعل فأرجوك أرجوك أرشدني، فأنا أحترمك وأثق بك، دائما نفسي تحدثني بالطلاق لسببين: 1- كره شخصي لها، وتمني الطلاق للحصول على زوجة أفضل. 2- لديَّ نوع من الوساوس، ولا أدري ماذا يحصل لي، أغضب منها كثيرا عند كل أمر، ويتجه تفكيري للطلاق، وأحيانا أجزم، ولكن سرعان ما أتراجع بسبب أولادي، والذي أثّر عليَّ أكثر هو خوفي من الحرام، بسبب كثرة المواقف، وهو يجعلني أبغضها أكثر، وكل المشاكل قريبة مما سأذكره لك، كانت زوجتي بجانبي تلاعب ابنتي الصغيرة، وأنا نائم، فانزعجت منها؛ لأنني لم أستطع النوم بسبب الطفلة وصراخها، وأنا نائم كانت كنايات الطلاق تملئ قلبي، وأفكر بالطلاق خلال24 ساعة، فقلت لها إحدى اللفظين وأنا أعلم ربما يكون كلامي كناية ولكني مع هذا تكلمت، الأول 1- (خليني أنام، وتوقفت قليلا عن الكلام ثم قلت لها اذهبا إلى الغرفة الثانية وناما هناك) أو2-(خليني أنام، ثم توقفت قليلا عن الكلام ثم قلت لها: اذهبا الى الغرفة الثانية)، وبعد الكلام مباشرة شعرت بالندم لأنني كان بإمكاني السكوت وأمنع نفسي من الكلام ومن تلك النوايا التي ترافقني في أي كلام، لا سيما عند الغضب، وقلت لنفسي: أنا تكلمت بكناية وهي (اذهبا)، بدليل أني لا أتفق معها بسبب غشمها، وهناك شيء في داخلي دائما عند الكلام يقول لي: هيا أنشأ الطلاق في كلامك وسوف تجد امرأة أفضل، لا أعرف لماذا تأتيني إرادة الطلاق عند كل أمر، ربما هو بسبب التفكير كثيرا، أو ربما بغضي الشديد لها بسبب عيب فيها، وهو الذي يجعل تلك الإرادة تمتلكني أو ربما كليهما السبب، وهنا بدأت ألوم نفسي، هل النية تلك عندما تكلمت هل هي عن طمأنينة وراحة بال أم بغير طمأنينة وأبقى مهموما؟ وبعد أيام اتفقنا أن نذهب زيارة إلى أهلها، واتجهت نيتي للزيارة، وتفاجأت في الصباح أن أخاها قد حضر إلينا ليأخذنا معه إلى أهلها، فقال لي: سوف تذهبون معي إلى أهلي، فقلت له إحدى اللفظين: [أنا لا أستطيع، أختك بتروح معك، أو بتروح لعندكم]، أو [أنا لا أستطيع خذها معك]، وكان الكلام عاديا وهادئ، والمصيبة أني كنت أعلم أن جوابي لأخيها يمكن أن يكون كناية، إلا أني تكلمت، وعند الكلام رافقتني نية لا توصف وكان بإمكاني إسكات نفسي أو إبطال نيتي، ولكني تكلمت، ولكن في هذه الحالة لو أن أحدا بجانبي وقال لي: تريد بكلامك هذا أن تذهب زوجتك إلى أهلها ولا تعود إليك لكنت قلت له بلساني: بل أريد أن تعود، ولكن بالمقابل أقول لنفسي أنا أكذب؛ لأني دائما كنت أبغضها وأفكر بطلاقها في اليوم كثيرا وهذه النية لم تأتيني عن عبث.
أرجوك يا شيخ ما حكم ما ذكرته؟ حالتنا الآن شبه تحسنت، وأنا خائف من أن تحرم زوجتي؛ لأن هذه المواقف تتكرر كل مدة، ما هو الحكم الشرعي؟ وبماذا تنصحني؟ هل أبقى معها؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فهذه وساوس فلا تلتفت إليها، ولا تفكر فيها، ولا تسأل عنها، ولا تعمل بمقتضاها.
والوسواس مرض نفسي كسائر الأمراض الأخرى، يصيب كثيراً من الناس، ولا ينبغي الاستسلام له أو الخوف منه، ولكن لا بد من الدعاء إلى الله تعالى بصرفه، مع تجاهل تلك الأفكار تماما وعدم الوقوف عندها.
وأرجو أن تكثر من قراءة القرآن والصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فهي تشرح الصدر وتيسر الأمور كلها، وسوف أدعو معك الله تعالى أن يصرف ويخفف عنك ما أنت فيه إن شاء الله تعالى.
وعليك أن تصبر على ما يكون من زوجتك ما دمت قادراً على الصبر، ولتحاول نصحها باستمرار وتطييب خلقها، واغتنم لذلك أوقات الراحة والهدوء، وتحايل في تغيير طبعها، مع تجنب ما يثير المشاكل قدر الإمكان، واستعمال الحكمة في كل ذلك، فكل شيء ممكن أن يكون بالحكمة والموعظة الحسنة، ولتجتهد في تحسين خلقك تجاهها أيضاً، وأكثر من دعاء الله تعالى بإصلاح الأحوال لاسيما في الثلث الأخير من الليل فإنه وقت إجابة، وعلى كل من الزوجين أن يسارع إلى إرضاء الآخر قدر إمكانه ولا يقصر في حقه، وعلى كل منهما أن يسامح الآخر في تقصيره نحوه إذا جرى منه تقصير، وعلى كل منهما أن يعتذر للآخر إذا أخل بواجبه نحوه، ولا يجوز لأي منهما أن يتخذ من تقصير الآخر نحوه في شيء متكأ للتقصير مثله أيضا، فإن خير الزوجين من يسامح أكثر، وليس من يحاسب أكثر.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.