2006-10-05 • فتوى رقم 7683
أكد لي أحد طلبة العلم أن الميت يشعر ويحس ويتألم ويسمع كل ما قيل أمامه، حتى وطء النعال على قبره, واستشهد بحديث عمر رضي الله تعالى عنه:(ما أنت بأسمع منهم)، وإني شاك في ذلك لبعده عن التصور, وعدم تسليم العقل به، فهل يسلم العقل بأن الميت يشعر بهذا كله؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فللمييت حياة غير حياتنا، وتحكمها قوانين لا نستطيع إدراكها بعقولنا، فعلينا أن نسلم بما أخبرنا به الشارع الحكيم فيما لا قدرة لنا على معرفته، وقد جاء أن الميت يشعر بمن يزوره وهو في قبره، فقد ورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال :«ما من أحد مرّ بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا، فسلّم عليه إلا عرفه وردّ عليه السّلام»، وورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم «أنّه أمر بقتلى بدر، فألقوا في قليب، ثمّ جاء حتّى وقف عليهم وناداهم بأسمائهم: يا فلان ابن فلان، ويا فلان ابن فلان، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً، فإنّي وجدت ما وعدني ربّي حقاً، فقال له عمر رضي الله تعالى عنه: يا رسول اللّه، ما تخاطب من أقوام قد جيّفوا، فقال عليه الصلاة والسلام: والّذي بعثني بالحقّ، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنّهم لا يستطيعون جواباً»، وورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال:«إنّ العبد إذا وضع في قبره وتولّى عنه أصحابه إنّه ليسمع قرع نعالهم»، ولهذا أمر النّبي صلى الله عليه وسلم بالسّلام على الموتى، حيث جاء أنّه صلى الله عليه وسلم كان يعلّم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا :«السّلام عليكم أهل الدّيار من المؤمنين والمسلمين، وإنّا إن شاء اللّه بكم لاحقون».
قال ابن القيّم: وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل، ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد، والسّلف مجمعون على هذا، وقد تواترت الآثار بأنّ الميّت يعرف زيارة الحيّ له ويستبشر به.
وجاء في فتاوى العزّ بن عبد السّلام: والظّاهر أنّ الميّت يعرف الزّائر، لأنّا أمرنا بالسّلام عليهم، والشّرع لا يأمر بخطاب من لا يسمع.
وأتمنى لك التوفيق.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.