2006-10-24 • فتوى رقم 8448
قال الله تعالى: (لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ* إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ).
بمثل هذا الخطاب الإيماني يعاتب الله سبحانه نبيه على إذنه لمجموعة أرادوا التخلف عن واجب إيماني مطلوب، وبين سبحانه أثر الإيمان في دفع المؤمن للبذل والجهاد.
- ما هو سبب نزول الآية؟ وما معنى قوله (فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ)؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر...} الآيتين. قال: هذا تفسير للمنافقين حين استأذنوا في القعود عن الجهاد بغير عذر، وعذر الله المؤمنين فقال: {فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم}.
ذكر الله تعالى فيما سبق من آيات أنّ شأن المؤمنين الذين استنفروا أن لا يستأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم في التخلّف عن الجهاد ، فأمّا أهل الأعذار : كالعُمي ، فهم لا يستنفرهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأمّا الذين تخلّفوا من المؤمنين فقد تخلّفوا ولم يستأذنوا في التخلّف، لأنّهم كانوا على نية اللحاق بالجيش بعد خروجه .
ثم بين الذين شأنهم الاستئذان في هذا الشأن، بأنّهم هم الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر في باطن أمرهم؛ لأنّ انتفاء إيمانهم ينفي رجاءهم في ثواب الجهاد ، فلذلك لا يُعرضون أنفسهم له .
فقوله :{ فَهُمْ فِى رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ } معناه أن الشاك المرتاب يبقى متردداً بين النفي والإثبات، غير حاكم بأحد القسمين ولا جازم بأحد النقيضين. وذلك أن الاعتقاد إما أن يكون جازماً أو لا يكون، فالجازم إن كان غير مطابق فهو الجهل، وإن كان مطابقاً؛ فإن كان غير يقين فهو العلم، وإلا فهو اعتقاد المقلد . وإن كان غير جازم ، فإن كان أحد الطرفين راجحاً فالراجح هو الظن والمرجوح هو الوهم . وإن اعتدل الطرفان فهو الريب والشك ، وحينئذ يبقى الإنسان متردداً بين الطرفين.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.