2008-08-09 • فتوى رقم 8706
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أعرف حكم الدين في الزوج الذي ينفعل على زوجته وهي حامل، ويضربها على وجهها وعلى جسمها، ويشتمها بأفظع الشتائم، حتى يقول لها: إن نعله أفضل منها، ويطردها من منزل الزوجية أكثر من مرة، وأمام أهلها وأهله، وعندما تشتكي يتهمها هو وأهله بعدم الذوق وقلة الأدب، كما أنه يكذب ويقول: إنه لم يضرب، ويشتم حتى لا يؤخذ عليه، كما أنه لأكثر من شهر لا ينفق على زوجته ولا الجنين.
ما حكم الدين فى الزوج العنيد المكابر الذى ينسى هو وأمه أن الله شاهد مهما كذبوا على أنفسهم والناس، وما هو جزاء الزوجة المطرودة الصابرة؟
علماً بأن الزوج رفض حتى محاولات الصلح، ولا يتق الله فى النساء، ولا يحاول حتى الاتصال بأهل الزوجة رغم أن معاملتهم له حسنة لأبعد الحدود ليأخذ حقه ويرد الحقوق لأصحابها، ولكنه جبان كاذب لا يريد المواجهة، كما أنه عنيد، وكأنه لم يفعل شيء.
هل الزوجة تمكث فى بيت أهلها في هذه الحالة بعد طردها من بيت زوجها، أم ماذا تفعل؟
علما بأن الزوج متكبر، وإذا حاول أهلها الاتصال به مرة أخرى -رغم محاولتهم الإصلاح التى رفضها- سيتكبر على زوجته وأهلها أكثر.
أريد الإجابة أثابكم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالأصل أن لا يضرب الرجل أحدا من أفراد اسرته زوجة أو ولداً، ولكن له حق تربيتهم والقوامة عليهم إذا شذوا عن الطريق وارتكبوا المنكرات ولم يجد معهم النصح والبيان، ففي هذه الحال فقط يجوز له الضرب الخفيف غير المؤذي، قال تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) (النساء:34)، على أن يكون الضّرب غير مبرّح، ولا مدم، وأن يتوقّى الوجه، والأماكن المخيفة، ولا يجوز الضرب تنفيسا عن الكرب والضيق من الغير.
على أنه لا يجوز للزوج أن يتعمد هجران زوجته أبدا بغير مبرر، قصرت المدة أو طالت، لأن ذلك نوع إيذاء لها، وهو حرام شرعا، وقد امر الله تعالى الأزواج بالإحسان لزوجاتهم، ومنعهم من الإساءة إليهن، والهجران من أشد أنواع الإساءة، ولكن لو حدت بالزوج ظروف قاهره دعته إلى نوع من الهجران، كالمرض أو السفر مثلا، فلا يلام في ذلك، وعلى الزوجة في هذه الحال أن تصبر وتحتسب، وكذلك يباح للزوج أن يهجر زوجته إذا قصرت في حق ربها أو في حق زوجها، ولكن بمقدار ما يردعها عن تقصيرها ويعيدها إلى الطريق الصحيح، دون مبالغة، لقوله تعالى: (وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ) (النساء:34) .
ونصيحتي لك بالصبر على ما أنت فيه، ولتحاولي نصحه باستمرار وتطييب خلقه وتتحايلين في تغيير طبع الغضب والكبر عنده، فكل شيء ممكن أن يكون، لكن بالحكمة والموعظة الحسنة، إضافة إلى الصبر على ذلك قبله، وأتمنى لكماالسعادة والتوفيق.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.