2006-04-17 • فتوى رقم 4704
رجل كبير ميسور الحال يمتلك منزل كبيراً يقيم فيه وفدانين من الأرض الزراعية وقطعة أرض مباني، تعرض هذا الرجل لحادث أدى إلى إصابته بكسور تطلبت إجراء العديد من العمليات الجراحية التى تكلفت مبلغا كبيرا من المال، ولهذا الرجل ابن وحيد متزوج ويسكن بمنزل مستقل عن والده ويعمل مهندسا، وثلاث بنات متزوجات يقمن مع أزواجهن وابنة تدرس بمرحلة التعليم الجامعي وتقيم مع والدها، ونظرا لعدم وجود السيولة الكافية مع هذا الرجل قام ابنه بدفع جميع التكاليف المادية حوالى ستين ألف جنيه (علما أن الرجل كان يستطيع بيع احد ممتلكاته)، وبعد الشفاء رأى الرجل أن يعوض ابنه فقام بكتابة قطعة الأرض المباني لهذا الابن بعقد بيع وشراء، علما أنها تساوى فعليا حوالى مئة ألف جنيه، مما أدى إلى ثورة بعض البنات على والدهن بحجة أن ذلك مخالف للشرع، وأنه ما كان يجب تعويضه حيث أن الابن وماله لأبيه فأصبح الرجل فى حيرة من أمره: ماذا يفعل؟
وهنا اقترحت إحدى البنات نظرا لأن مبلغ التعويض يزيد عن المدفوع بحوالي أربعين ألف جنيه أن على أخيها أن يكون ملزما بدفع مبلغ ثلاثين ألف جنية فى تكاليف زواج أخته الجامعية عند الزواج وتحمل مصاريف أخته الدراسية التى يتبقى لها عامين لتغطية فرق المبلغ، ووافق أخوها، علما أنه كان معتاداً على مساعدة والده وأخته الصغيرة بين الحين والآخر، ولا يزال حتى الآن.
فما هو حكم الشرع فى المسألة والحل الذى تم التوصل إليه، وهل يأثم الأب على قيامه بتعويض الابن بقطعة الأرض بصرف النظر عن مقارنة سعرها بالمبلغ المدفوع فى حالة عدم دفع الابن الفرق؟
وهل يأثم الابن فى حالة قبوله بقطعة الأرض والتى يزيد سعرها عن المبلغ الذى دفعه لأبيه؟
وهل ثورة البنات لها مبرر شرعي، وما هو المطلوب منهن حتى يكن أبرارا بوالدهن؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فللإنسان العاقل البالغ الرشيد أن يهب ماله لمن شاء، فإذا وهبه له وسلمه إليه نفذت الهبة وإن كان ذلك عن طريق بيع صوري، وليس له ولا لغيره استرداده بعد ذلك، ولكن يكره للمسلم أن يهب ماله كله لبعض أولاده بقصد حرمان الآخرين، ولكن له المساواة بينهم في الهبة، أو تفضيل البعض على البعض دون الحرمان إذا كان للتفضيل سبب، مثل فقر البعض أو كثرة عياله أو كثره بره أو تقواه أو في هذه الحالة تعويضه عما دفعه من نفقات، فإذا وجد المبرر جاز التفضيل في العطية دون الحرمان النهائي للآخرين.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.