2016-10-21 • فتوى رقم 81741
إذا أخطأت وعصيت ربي بذنب ما، ثم تبت وعاهدت نفسي وربي ألا أعاود المعصية، ثم أقع فيها، ثم أتوب، ثم أقع فيها، ثم أتوب وهكذا دواليك؟ هل ضعف نفسي وغلبة هواي في أن أنقض عهدي مع ربي إقرارا بعدم الخوف منه جل جلاله؟ مع العلم أني حين أتوب أتوب بينة صادقة في الاستقامة، وحين أخطئ سواء في حق نفسي أو مع ربي أو مع الآخرين أشعر بضيق في صدري وأخاف من لقاء ربي، وهل تكرار الذنب يضعف علاقتي بربي ويُضيٌع مني رضي ربي عليَّ؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فباب التوبة النصوح مفتوح لكل عاص، فيكفيك الندم والاستغفار والتصدق وعمل الصالحات، والتوبة الصادقة النصوح التي يتبعها عمل صالح تمحو الذنوب كلها بإذن الله تعالى، قال تعالى: ﴿إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ [الفرقان:70]. ، ثم إذا كان العبد راضياً عن توبته فذلك إشعار بقبولها عند الله تعالى إن شاء الله تعالى، قال الله تعالى: ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)) [الزمر: 53]
وأوصيك بعدم قطع الرجاء بالله، وأن تقرأ تفسير ما في القرآن من آيات مخوفة للمذنبين والعاصين، وما فيه من أخبار في ذم المعاصي ومدح التائبين، وما فيه من قصص الأنبياء والسلف الصالح، وكما أنصحك بالبحث عن أسباب المعصية ومعالجتها.
واجتهد أولا من منع النفس من المعاصي لكن إن وقع المسلم لا قدر الله في المعصية فليتبعها بتوبة صادقة نصوح، بالاستغفار والندم على المعصية والعزم الأكيد على عدم العود إليها، فبذلك يغفر الله له إن شاء الله تعالى، فإن عاد إلى المعصية فليعد إلى التوبة النصوح من جديد، روى أحمد في المسند عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم « إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّى يَعْلُوَ قَلْبَهُ ذَاكَ الرَّيْنُ الَّذِي ذَكَرَ الله عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، فلا بد من التيقن بعد التوبة النصوح بأن الله تعالى غفر ومحا الذنب، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.