2007-02-23 • فتوى رقم 10577
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، محمد صلى الله عليه وسلم تسليما، وبعد:
أنا رجل أبلغ من العمر 45 سنة، متزوج ولي من الأبناء خمسة، أعمل مهندساً في أحدى الشركات، كنت أقيم في شقة صغيرة، بعتها ثم استلفت حوالي عشرة آلاف دينار، واشتريت قطعة أرض بقيمة حوالي 35 ألف دينار من أجل أن أقيم عليها منزلاً.
لا أزكي نفسي، ولكن الله يعلم أني رجل أخاف الله، وأتحرى الحلال ما استطعت إلى ذلك سبيلا، رغم توفر كل المغريات من السلف والقروض الربوية وسهولة نيلها، ولكني فضلت أن أسكن في منزل بالإيجار وأن أوفر من راتبي ولو بعد سنوات حتى أتمكن من إقامة منزل متواضع، يقيني وأسرتي برد الشتاء وهجير الصيف, فضلت ذلك على أن اقترض من المصارف الربوية، وما أكثرها في ظل عدم وجود المصارف الإسلامية للأسف في البلد الذي أقيم فيه.
المشكلة هي أنني بعدما اشتريت قطعة الأرض من صاحبها ودفعت له قيمتها كاملة وأبرمت معه عقد الشراء، وذلك بعد أن اطلعت ومحرر العقود على مستندات الملكية، وهي صحيحة حسب قانون الدولة ولا غبار عليها.
بعد مرور عدة أيام جاءني أحد الأصدقاء، وكنت فرحا بشرائي لتلك الأرض فأبلغته بما فعلت، فهنأني بذلك وذهبت لأريه إياها، فجاءني بعد مدة وقال لي بأنه سمع من أحد أصدقائه بأن هذه الأرض تعود ملكيتها قديما إلى شخص ما، فاخذ قلبي في الخفقان، وشعرت أني وقعت في المحظور بالرغم من حرصي الشديد في ذلك، وبعد تحريات دامت طويلا تأكدنا من الآتي:
تلك الأرض تعود ملكيتها إلى شخص ما كانت الثورة الليبية قد صادرتها منه، منذ سنة 1972م، والسبب في ذلك أنه معارض للنظام، ثم فر خارج الدولة لأنه كان من تنظيم حزب البعث، وكان مطلوباً، ثم قامت الدولة بتقسيم تلك الأرض إلى أراض زراعية وتوزيعها على بعض المحتاجين في ذلك الوقت وتمليكها لهم (ظاهرة المصادرة في تلك الفترة في بداية السبعينات، كانت من سمات الدولة مصادرة أموال, مباني, أراض, مصانع...الخ، وترتب على ذلك مشاكل كثيرة ما زالت تبعاتها حتى اليوم).
ثم تم البيع من شخص إلى شخص عبر السنوات الماضية، إلى أن قام الشخص الذي اشتريت منه الأرض بتقسيمها وبيعها أراض مخصصة للسكن، مع العلم بأني كنت قد سألت البائع قبل أن يتم البيع: هل هذه الأرض ملكك أصلاً وليست للدولة؟ فأجاب بأنها ملكه أباً عن جد، وحين تأكدت من حقيقة الأرض ذهبت إليه، وبعد جدال طويل رفض أن يعيد لي الثمن الذي اشتريت به, فاتهمته بالكذب والاحتيال والمخادعة لأنه لم يقل لي الحقيقة منذ البداية.
فأنا الآن في حيرة من أمري، ولم أعد أملك من حطام الدنيا شيئا، فهل يجوز لي أن أقيم على هذه الأرض منزلاً وتكون ملكاً لي، أو إذا أردت أن أبيع هذه الأرض مع ذكر كل هذه الحقائق فسوف لن يشتريها أحد، وحتى إن وجد الشاري فسوف يشتريها بثمن بخس.
فأرجو من حضرتكم الإشارة علي بالفتوى الشرعية لهذه الحالة.
وجزاكم الله عني خير الجزاء، وزادكم من علمه، ووفقكم الله لما فيه الخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فليس أمامك إلا أن ترد الأرض لبائعها وتسترد منه الثمن، أوتستبقيها بشرط أن تردها على مالكها الأصلي أو ورثته بلا ثمن إن عرفتهم في يوم من الأيام وطالبوا بها ولم يوافقوا على التنازل عنها لك بثمن أوبغير ثمن، وأسأل الله تعالى لك التوفيق، وأن يسامح من كذب عليك وأخفى عنك حقيقتها وأن يصلحه الله تعالى.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.