2007-09-05 • فتوى رقم 21185
هل يشترط في الدعاء أن يتلفظ به، وهل هذه المسألة متفق عليها أم مختلف فيها، وما تفسير قوله تعالى:
(ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها)، وقد جاء في صحيحي البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: نزلت هذه الآية: (ولا تجهر بصلاتك ولاتخافت بها) في الدعاء؟
وما معنى ماورد في كتاب الأذكار من كلام سيدالأبرار للإمام النووي في فصل في الإخلاص: ( اعلم أن الأذكار المشروعة في الصلاة وغيرها واجبة كانت أو مستحبة لا يحسب شيء منها، ولايعتد به حتى يتلفظ به، بحيث يسمع نفسه إذا كان صحيح السمع لاعارض له)؟
وكيف يتفق هذا مع ما ورد في نفس الفصل ( الذكر يكون بالقلب، ويكون باللسان، والأفضل منه ما كان بالقلب واللسان جميعاً، فإن اقتصر على أحدهما فالقلب أفضل)؟
والسؤال هو هل يشترط في الدعاء أن يتلفظ به خاصة، وأنني أعاني من مشكلة، وهي أن في نفسي، وفي قلبي تجول أدعية بالسوء، فمثلاً تجول في نفسي أدعية بالشر والسوء رغماً عني، وتأتي على شكل وصيغ أدعية بالشر، وأنا لا أريد أن أدعو بهذه الأدعية ولا أحبها، ولكنها تجول في نفسي، وفي قلبي بشكل مستمر، ولا أستطيع التخلص منها، ولكن ما يخيفني أن تعتبر هذه أدعية، وأن يتأذى منها أحد، مع العلم أنها تأخذ صيغ وشكل الدعاء، وهي في نفسي ولا أتلفظ بها، فهل يجب أن أوقفها وأخاف، أم كوني لا أتلفظ بها يجعلها لا تحتسب ولامضرة منها؟
أجيبوني جواباً شافياً مفصلاً، جزاكم الله عني خير الجزاء؛ فإنني قد تضررت بسبب هذه المشكلة ضرراً كبيراً، وجزاكم الله خيراً.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فذكر الله تعالى مأجور عليه إن شاء الله تعالى مع الإخلاص، سواء بصوت أو غير صوت، وبتحريك اللسان وبدونه، قائما أو قاعدا أو على جنب، ويختلف الأجر باختلاف الإخلاص وصدق النية، بل إن التفكر وحده من غير لفظ ولا تحريك لسان مأجور عليه بإذن الله تعالى.
قال تعالى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (آل عمران:191).
أما في الصلاة فالمطلوب عند القراءة للقرآن في الصلاة أن يسمع الإنسان صوت تلاوته في نفسه، ويكفي أن يسمع نفسه دون من بجانبه، وقال بعض الفقهاء يكفي تحريك اللسان ولو لم يسمع نفسه، أما خارج الصلاة فهو مخير، ولو أسمع نفسه كان أفضل من الاكتفاء بتحريك اللسان.
وقوله تعالى: { وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا } أي لا ترفع صوتك بقراءتك أو بدعائك ولا تخافت بها، فإن المشركين كانوا إذا سمعوا القرآن سبوه، وسبوا من أنزله ومن جاء به، فأمره الله تعالى ألا يجهر به، لئلا ينال منه المشركون، ولا يخافت به عن أصحابه فلا يسمعهم، وليتخذ سبيلا بين الجهر والإسرار، أي طريقاً متوسطاً بين الأمرين فلا تكن مجهورة ولا مخافتاً بها وكذا قال في هذه الآية الكريمة: { وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ}.
وما يجول في نفسك خارجاً عن إرادتك خواطر لا تأثير لها، ولو استطعت أن تصرفها فهو أفضل.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.