2010-04-06 • فتوى رقم 43365
أنا فتاة عمري 30 سنة وحيدة لأهلي (لا إخوة ولا أخوات)، أمي تعاني من مرض الوسواس القهري مما جعل خالتي تقوم بعنايتي وتربيتي، وعندما بلغت 4 سنوات سافر أبي لمدة 10 سنوات متواصلة وعند عودته ظننت أنه سيعوضني عن كل الحنان والحرمان، فوجدت بدلا من ذلك كل القسوة والذل، يضربني ويضرب أمي بأعنف ما يكون دون سبب لدرجة أنه تبقى آثار الضرب لمدة، ففي مرة أصيبت أمي بنزيف داخلي في عينها، ومرة كان هو في حالة شديدة من المرض فخرجت أبحث عن طبيب لأجله وكانت الثانية صباحا فلم أجد طبيبا ولكن الجيران عرضوا علي المساعدة لنقله إلى المشفى، وعندما رآهم لم يقبل مساعدتهم وطردهم ثم أمسك بكأس زجاجية وألقى بها علي، وكنت أترجى أمي لتطلب الطلاق وتخلصنا من هذا الجحيم ولكنها ترفض خوفا من كلام الناس، وبعدها قمت بالانتقال إلى بيت خالتي التي ربتني، وأنا الآن أعيش معها فهي غير متزوجة، ولكن السؤال هنا: هل هذا يعد عقوقا؟ مع العلم أنني أقوم بواجباتي نحو أمي وأقوم بأمور أخرى تخصه ولكن ليس لأجله بل مساعدة لأمي أفيدونا أفادكم الله.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فحق الأبوين على الأولاد كبير جداً، ولا يجوز للأولاد التنكر لهذا الحق مهما قصر الأبوان في حقهم، وعليهم القيام به في حدود الإمكان، وعليهم أيضاً ترك محاسبة الآباء أو الأمهات عن تقصيرهم في حق الأبناء، فبرُّ الوالدين باب عظيم من أبواب الخير والقرب من الله تعالى لا ينبغي للولد أن يحرم نفسه من ولوج هذا الباب، قال تعالى في حق الأبوين:(( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)).(العنكبوت:8).
ولذلك فإنني أنصحك بأن تحسني لأبيك قدر إمكانك وتحاولي بره بكل الطرق الممكنة، وبالقدر الذي لا يلحق بك ضرراً ولا أذى، وإلا كنت مسيئة مثله أو أكثر منه، فإن بر الوالدين واجب مهما كانت تقصيراتهم، قال تعالى في حق الأبوين:(( وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)).(العنكبوت:8).
وأوصيك بكثرة الدعاء والتضرع إلى الله تعالى ليصلح أباك ويهديه ويحسن أخلاقه فهو وحده القادر على ذلك، والتمسي لذلك الثلث الأخير من الليل فإنه وقت إجابة.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.