2006-06-23 • فتوى رقم 5905
السلام عليكم
قرأت أن تحديد الوقت بين الأذان والإقامة بدعة، وماذا عن صلاة الفجر، إذ سمعت أن لا بد من عدم صلاتها بعد الأذان مباشرة ويفضل أن تكون الإقامة بعد ثلت أو نصف ساعة ليس قبل ذلك، فهل هذا صحيح أم ماذا؟
جزاكم الله خيرا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقد صرّح الفقهاء باستحباب الفصل بين الأذان والإقامة بصلاةٍ أو جلوسٍ أو وقتٍ يسمح بحضور المصلّين فيما سوى المغرب ، مع ملاحظة الوقت المستحبّ للصّلاة.
وتكره عندهم الإقامة للصّلاة بعد الأذان مباشرةً بدون هذا الفصل، وذلك لما روي عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « أنّه قال لبلالٍ : اجعل بين أذانك وإقامتك نفساً حتّى يقضي المتوضّئ حاجته في مهلٍ، وحتّى يفرغ الآكل من أكل طعامه في مهلٍ»
وفي روايةٍ: «ليكن بين أذانك وإقامتك مقدار ما يفرغ الآكل من أكله، والشّارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته» .
ولأنّ المقصود بالأذان إعلام النّاس بدخول الوقت ليتهيّئوا للصّلاة بالطّهارة فيحضروا المسجد، وبالوصل ينتفي هذا المقصود، وتفوت صلاة الجماعة على كثيرٍ من المسلمين.
وقد ورد عن بعض الفقهاء تحديد مقدار الفصل بين الأذان والإقامة، فروى الحسن عن أبي حنيفة أنّ مقدار الفصل في الفجر قدر ما يقرأ عشرين آيةً، وفي الظّهر قدر ما يصلّي أربع ركعاتٍ، يقرأ في كلّ ركعةٍ نحواً من عشر آياتٍ، وفي العصر مقدار ما يصلّي ركعتين، يقرأ في كلّ ركعةٍ نحواً من عشر آياتٍ.
أمّا في المغرب : فقد اتّفق الفقهاء على تعجيل الإقامة فيها لحديث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : «بين كلّ أذانين صلاة لمن شاء إلاّ المغرب» لأنّ مبنى المغرب على التّعجيل، ولما روى أبو أيّوب الأنصاريّ رضي الله عنه عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «لن تزال أمّتي بخيرٍ ما لم يؤخّروا المغرب إلى اشتباك النّجوم» وعلى هذا يسنّ أن يكون الفصل بين الأذان والإقامة فيها يسيراً.
أما صلاة الفجر : فذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ الأفضل تعجيلها في أوّل وقتها ، أي في الغلس ، واستدلّوا على أفضليّة التّغليس بالفجر بما روته عائشة رضي الله عنها :« إن كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ليصلّي الصّبح فينصرف النّساء متلفّعات بمروطهنّ ، ما يعرفن من الغلس ».
أمّا الحنفيّة فقد ذهبوا إلى أنّه يستحبّ الإسفار بصلاة الفجر ، وتأخيرها إلى أن ينتشر الضّوء، ويتمكّن كلّ من يريد الصّلاة بجماعة في المسجد من أن يسير في الطّريق بدون أن يلحقه ضرر ، من نزول قدمه أو وقوعه في حفرة بسبب السّير في الظّلام .
واحتجّوا بقوله صلى الله عليه وسلم :« أسفروا بالفجر ، فإنّه أعظم للأجر ».
وإنّ في الإسفار تكثير الجماعة، وفي التّغليس تقليلها ، وما يؤدّي إلى التّكثير أفضل.
وقالوا في تحديد الإسفار : أن يكون بحيث لو ظهر فسادها أعادها بقراءة مسنونة ، قبل طلوع الشّمس ، أي بعد ما يتمكّن من الوضوء أو الغسل عند اللّزوم .
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.