2016-10-26 • فتوى رقم 81816
أعتذر عن كثرة أسئلتي، ولكن أريد حقًا حلًا لما أنا فيه من خوف، أنا وأختي نرى دائمًا أشياء كأشخاص ونسمع أحيانًا بأناس تهمس، الموضوع بدأ معي بأحلامي، ومن ثم بالواقع وجدت أختي تشكو بالضبط مما أراه، نرى كظل أسود طويل وحينما نلتف لا نرى شيئًا، ونرى كأن شخصًا جالس معنا وحينما نلتف لا نرى شيئًا؟
أرجو الرد سريعًا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإليك بعض الأذكار الّتي يعتصم بها من الشّياطين مردة الجنّ ويستدفع بها شرّهم:
أحدها: الاستعاذة بالله من الجنّ، قال تعالى: ((وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِالله إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)) (الأعراف:200) وقوله تعالى: ((وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)) (فصلت:36) وفي الصّحيح: ((أنّ رجلين استبّا عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم حتّى احمرّ وجه أحدهما فقال صلى الله عليه وسلم: إنّي لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشّيطان الرجيم)).
الثّاني : قراءة المعوّذتين.
فقد روى التّرمذيّ من حديث أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوّذ من الجانّ وعين الإنسان حتّى نزلت المعوّذتان فلمّا نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما)).
الثّالث : قراءة آية الكرسيّ.
فعن أبي هريرة قال: ((وكّلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت، فجعل يحثو من الطّعام، فأخذته فقلت لأرفعنّك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: أعلّمك كلمات ينفعك الله بهنّ.
قلت: ما هي؟ قال : إذا آويت إلى فراشك فاقرأ هذه الآية : {اللهُ لا إلهَ إلاّ هوَ الحَيُّ القَيُّومُ} حتّى ختم الآية فإنّه لن يزال عليك حافظ من الله تعالى ولا يقربك شيطان حتّى تصبح. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك اللّيلة؟ قلت: يا رسول الله علّمني شيئا زعم أنّ الله تعالى ينفعني به. قال: وما هو؟ قال : أمرني أن أقرأ آية الكرسيّ إذا آويت إلى فراشي، زعم أنّه لا يقربني حتّى أصبح، ولا يزال عليّ من الله تعالى حافظ، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أما إنّه قد صدقك وهو كذوب ، ذاك الشّيطان)).
الرّابع: قراءة سورة البقرة، ففي الصّحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تجعلوا بيوتكم مقابر، وإنّ الشّيطان ينفر من البيت الّذي تقرأ فيه سورة البقرة)).
الخامس: خاتمة سورة البقرة، فعن أبي مسعود الأنصاريّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه))، وعن النّعمان بن بشير رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إنّ الله كتب كتاباً قبل أن يخلق السّموات والأرض بألفي عام أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربَها شيطان)).
السّادس: أوّل سورة حم المؤمن (غافر) - إلى قوله تعالى:- ((إليه المصير)) ، مع آية الكرسيّ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ حم المؤمن إلى قوله: ((إليه المصير)) وآية الكرسيّ حين يصبح حفظ بهما حتّى يمسي، ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتّى يصبح))
السّابع: ((لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير)) مائة مرّة.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير في يوم مائة مرّة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيّئة، وكانت له حرزاً من الشّيطان يومه ذلك حتّى يمسي، ولم يأت أحد أفضل ممّا جاء به إلاّ أحد عمل أكثر من ذلك)).
الثّامن : كثرة ذكر الله عزّ وجلّ، فعن الحارث الأشعريّ أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إنّ الله تعالى أمر يحيى بن زكريّا عليه السلام بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، وإنّه كاد أن يبطئ بها فقال عيسى: إنّ الله أمرك بخمس كلمات لتعمل بها، وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، فإمّا أن تأمرهم، وإمّا أنا آمرهم فقال يحيى عليه السلام: أخشى إن سبقتني بها أن يخسف بي أو أعذّب، فجمع النّاس في بيت المقدس فامتلأ المسجد وقعدوا على الشّرف.
فقال : إنّ الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهنّ وآمركم أن تعملوا بهنّ.
أوّلهنّ: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وإنّ مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبداً من خالص ماله بذهب أو ورق، فقال: هذه داري وهذا عملي فاعمل وأدّ إليّ فكان يعمل ويؤدّي إلى غير سيّده، فأيّكم يرضى أن يكون عبده كذلك؟ وأنّ الله أمركم بالصّلاة فإذا صلّيتم فلا تلتفتوا فإنّ الله تعالى ينصب وجهه بوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت، وآمركم بالصّيام فإنّ مثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرّة فيها مسك فكلّهم يعجب أو يعجبه ريحها، وإنّ ريح الصّائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك، وآمركم بالصّدقة فإنّ مثل ذلك كمثل رجل أسره العدوّ فأوثقوا يده إلى عنقه وقدّموه ليضربوا عنقه، فقال: أنا أفديه منكم بالقليل والكثير ففدى نفسه منهم.
وآمركم أن تذكروا الله تعالى ، فإنّ مثل ذلك كمثل رجل خرج العدوّ في أثره سراعاً حتّى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشّيطان إلاّ بذكر الله تعالى … )). الحديث.
التّاسع الوضوء: وهو من أعظم ما يتحرّز به لا سيّما عند ثوران قوّة الغضب والشّهوة فإنّها نار تغلي في قلب ابن آدم، فعن أبي سعيد الخدريّ ((أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ألا وإنّ الغضب جمرة في قلب ابن آدم، أما رأيتم إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه، فمن أحسّ بشيء من ذلك فليلصق بالأرض)) وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنّ الغضب من الشّيطان، وإنّ الشّيطان خلق من النّار، وإنّما تطفأ النّار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضّأ )).
العاشر: إمساك فضول النّظر والكلام والطّعام ومخالطة النّاس، فإنّ الشّيطان إنّما يتسلّط على ابن آدم من هذه الأبواب الأربعة ، ففي مسند الإمام أحمد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ((النّظرة سهم مسموم من سهام إبليس، من تركها من مخافتي أبدلته إيماناً يجد له حلاوة في قلبه)).
وزاد الإمام النّوويّ الأذان، ففي صحيح مسلم عن سهيل بن أبي صالح أنّه قال: أرسلني أبي إلى بني حارثة ومعي غلام لنا أو صاحب لنا، فناداه مناد من حائط باسمه، وأشرف الّذي معي على الحائط فلم ير شيئاً، فذكرت ذلك لأبي، فقال: لو شعرت أنّك تلقى هذا لم أرسلك، ولكن إذا سمعت صوتاً فناد بالصّلاة. فإنّي سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: ((إنّ الشّيطان إذا نودي بالصّلاة ولّى وله حُصاص)) ومعنى الحصاص إما الضراط أو شدة العَدْو. كما أنّه نصّ على أنّ مطلق القرآن يعصم من الشّياطين.
قال تعالى : ((وإذا قَرَأتَ القُرآنَ جَعَلْنَا بَينَكَ وبَينَ الَّذينَ لا يُؤمنونَ بالآخِرَةِ حِجَابَاً مَسْتُورَاً)).
الحادي عشر: _ وعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
)) مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ صَلَاةِ الفَجْرِ وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ المُلكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ يَوْمَهُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي حِرْزٍ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَحُرِسَ مِنْ الشَّيْطَانِ، وَلَمْ يَنْبَغِ لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَّا الشِّرْكَ بِالله)) رواه الترمذي.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.