هيئات الفتوى والرقابة الشرعية والتدقيق الشرعي
للمؤسسات المالية الإسلامية
بحث أعده
أ.د.أحمد الحجي الكردي
للمشاركة في مؤتمر المصارف الإسلامية الواقع والمأمول
في عام 2009م
1) مقدمة للتعريف بالمؤسسات الاقتصادية الإسلامية، ودور هيئات الفتوى فيها:
المؤسسات الاقتصادية الإسلامية هي جوهرة هذا العصر، بعد أن عمت المؤسسات الاقتصادية الربوية عامة بلاد المسلمين مدة طويلة من الزمن، وأوقعت الناس جميعا تقريبا في أزمات مالية لا يرون طريقا للخلاص منها، كم أوقعتهم في حرمة الربا الذي حرمه الله تعالى في محكم تنزيله، حيث قال جل من قائل: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا ) (البقرة: من الآية275)، بل جعله من أشد المحرمات التي فيها محاربة الله تعالى ورسوله، فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ) (البقرة:278-279).
ونظرا لإغراق العالم الإسلامي مدة طويلة في الربا المحرم نسي كثير من الناس النظام الاقتصادي الإسلامي، حتى ظن البعض أن لا نظام للاقتصاد في العالم غير النظام الربوي، مما جعل الكثيرين من المسلمين يجهلون أسس ودقائق النظام الاقتصادي الإسلامي، وبخاصة الذين تسلقوا قمة إدارة المؤسسات الاقتصادية الإسلامية، لأسباب يصعب التطرق إليها الآن، وتحديد أسبابها، مما استوجب أن يكون إلى جانب قادة الاقتصاد الإسلامي هؤلاء الفقهاء المسلمون، يوجهونهم إلى النظام الإسلامي في الاقتصاد، ويراقبون أعمالهم، صغيرها وكبيرها، قبل إنفاذها، خشية أن يدخلها بعض ما لا يبيحه التشربع الإسلامي، ومن هنا جاءت أهمية الرقابة الشرعية على المؤسسات الاقتصادية الإسلامية.
2) أهمية الرقابة الشرعية في هذه المؤسسات، وتقييم دور الهيئات القائمة فيها الآن.
تقدمت الإشارة إلى أهمية دور الرقابة الشرعية في إدارة واستمرار أعمال المؤسسات الاقتصادية الإسلامية، وقد أدركت هذه المؤسسات عامة هذا الدور الهام والخطير لهذه الرقابة الشرعية، فاشترطت في نظمها الأساسية أن يكون لها هيئات رقابة شرعية من جماعة من الفقهاء المتخصصين في العلوم الاقتصادية عامة، وفي الفقه الاقتصادي الإسلامي خاصة، وهو ما يطلق عليه سابقا (فقه المعاملات).
وقد جرت العادة أن يكون لكل مؤسسة اقتصادية إسلامية هيئة للرقابة الشرعية من الفقهاء المعتمدين والمتمرسين لا يقل عددهم عن ثلاثة، ولا يزيد في الغالب عن خمسة، وتكون اجتماعاتهم دورية، أسبوعية أحيانا، وشهرية كثيرا، وكل ثلاثة أشهر في بعض الأحوال، بحسب الحاجة إلى ذلك، تعرض عليهم فيها العقود التي تبرمها المؤسسة التي تنتمي إليهم أو ينتمون إليها، فيطلعون عليها، ويدرسونها دراسة كاملة، ثم يقرونها على حالها، أو بعد تعديلات ضرورية يدخلونها عليها، أو يردونها أحيانا إذا تعذر إقرارها أو تعديلها، وذلك بإجماعهم، أو باتفاق أكثرهم عند الاختلاف في أمر من أمورها بينهم، ثم تسجل هذه الآراء والفتاوى والقرارات في سجلات، وتحفظ، لتكون نبراسا لهذه المؤسسة في عقودها اللاحقة، وربما تنشر لعامة الناس في بعض الأحيان، للاطلاع عليها، والاستئناس بها، والاطمئنان إلى صحة تصرفات المؤسسة الاقتصادية الإسلامية التي تنتمي إليها، وإدارات هذه المؤسسات ومجالس إدارتها تلتزم عادة بقرارات وفتاوى الهيئات الشرعية، ولا تخرج عليها أبدا، ولضمان نفاذ هذه الفتاوى والقرارات التي تصدر عن الهيئات الشرعية، أقامت المؤسسات الاقتصادية الإسلامية إلى جانب هيئاتها الشرعية رقباء شرعيين، يحضرون مجالس الهيئات الشرعية، ويطلعون على فتاواها، وينقلونها إلى إدارات وموظفي المؤسسات الاقتصادية الإسلامية، لإعلامهم بها، ومساعدتهم في تطبيقها في أعمالهم وتصرفاتهم، فيكونون بذلك صلة الوصل بين المؤسسة الاقتصادية الإسلامية بجميع عناصرها، وبين الهيئة الشرعية التابعين لها، وبذلك يتم بشكل أفضل ضمان تطبيق فتاوى الهيئات الشرعية وقراراتها على جميع أعمال هذه المؤسسات الاقتصادية، بالشكل الأفضل.
ونظرا لأهمية دور الرقابة الشرعية قضت عامة قوانين البنوك المركزية في العالم الإسلامي، أن لا يصادق البنك المركزي على أعمال أي من المؤسسة الاقتصادية الإسلامية قبل أن تصدر الهيئة الشرعية فيها إقرارا من كامل أعضائها يبين أن هذه المؤسسة منتظمة في كل أعمالها بأحكام الشريعة الإسلامية، وهو أمر من الأهمية بمكان.
3) ضرورة تفعيل دور الهيئات الشرعية في الرقابة على المؤسسات الإسلامية، وتوسيع ذلك.
وإنني من عملي ومشاركتي في عدد من هذه الهيئات الشرعية، أدركت أن هنالك قصورا في عمل هذه الهيئات، ولهذا القصور أسباب كثيرة.
منها أن أعضاء هذه الهيئات مثقلون بأعباء كثيرة في نطاق عملهم، فهم بشكل عام غير متفرغين لأعمال الرقابة الشرعية في المؤسسات التي يعملون بها، بل أكثرهم من الأساتذة الجامعيين المكلفين بالتدريس لساعات طويلة في الأسبوع في جامعاتهم، وكثير منهم إلى جانب ذلك هم أعضاء في العديد من الهيئات الشرعية للرقابة على المؤسسات الاقتصادية، فلا يكادون ينصرفون من اجتماع لهيئة شرعية حتى يُدعو لاجتماع هيئة شرعية أخرى.
إلى جانب أن بعضهم مع فقهه ومكانته العلمية ليس من المتخصصين في العلوم الاقتصادية عامة، والعلوم الاقتصادية الإسلامية خاصة، وإن كان على علم جيد بكثير من أحكامها، مما يدعوه إلى السكوت عند مناقشة بعض أمور لا اطلاع له عليها بشكل كاف، فيخسر مجلس الهيئة خبرته في هذا الأمر أو هذا القرار، ويكون وجوده فيه شكليا لا عمليا مؤثرا.
- إلى جانب أن بعض المؤسسات الاقتصادية الإسلامية تتجاهل إداراتها إنفاذ بعض الفتاوى والقرارات التي تصدرها الهيئات التابعة لها، ولا يعلم أعضاء الهيئة بذلك، إما لضعف المراقبين الشرعيين الذي يعملون مع هذه الهيئات، أو لأسباب أخرى، وهو وإن كان قليلا نسبيا، إلا أنه مخالفة كبيرة في واقع الحال، ومؤثرة في صحة سير هذه المؤسسات الاقتصادية.
4) ندرة العلماء المؤهلين للقيام بواجب الهيئات الشرعية وأسباب ذلك، وطرق التغلب عليه، والضوابط والشروط التي يجب توفرها في أعضاء الهيئات الشرعية.
من الأمور التي لا يمكن تجاهلها هو ندرة العلماء المتخصصين في فن الرقابة الشرعية على المؤسسات الاقتصادية الإسلامية، وسبب ذلك هو ذلك الزمن الطويل الذي مر على بلاد المسلمين وهم يتعاملون فيه بالربا المحرم، والنظم الاقتصادية الغربية البعيدة عن روح التشريع الإسلامي، حتى ظن البعض –كما أشرت سابقا- أن الاقتصاد الوحيد في العالم هو الاقتصاد الربوي، وأن الاقتصاد الإسلامي لا وجود له، أو أنه متوافق مع الأنظمة الغربية الربوية وموافق لها ولو ضمنا، مما أفقد الجامعات الإسلامية في عامة البلدان الإسلامية اهتمامها بأمور العلوم الاقتصادية الإسلامية، وهو ما بدأ التنبه له أخيرا، حيث قام في الوقت المتأخر –بفضل الله تعالى- العديد من الجامعات بمعالجة أمور الاقتصاد الإسلامي، وفتح أقسام متخصصة له، بل وكليات متخصصة فيه أيضا، وهو ما نأمل أن ينتشر بين الجامعات ويتسع نطاقه والاهتمام به حتى يتوفر للمؤسسات الاقتصادية الإسلامية العدد الكافي من العلماء الصالحين للرقابة الشرعية، وهو ما نتوقع اكتماله في الوقت القادم القريب بإذن الله تعالى، وهو الحل الأفضل لهذا النقص الخطير.
والشروط التي أرى وجوب توفرها في العالِم الصالح لعضوية الرقابة الشرعية هي إلمامه ومعرفته بدقائق أصول وتفاصيل علم الاقتصاد عامة، ثم إلمامه ومعرفته بدقائق أصول وتفاصيل الاقتصاد الإسلامي وفروعه، ولا يكفي مجرد الاطلاع أو الإلمام العام بكل أو بأي من هذه النوعين من العلوم.
وأمارة ذلك أن يكون له مؤلفات في هذا الموضوع انتشرت بين العلماء ولم يعقبوا عليها ولم ينتقدوها ولم يتهموه من خلالها بالشذوذ أو الجهل، مما يجعله في نظرهم متخصصا ومؤهلا للخوض في مضمار ونطاق هذا الفن من العلم والفقه، ومما يجعل المؤسسات الاقتصادية اٌلإسلامية تأنس إليه وترتضيه وتتشوق إلى مشاركته في الرقابة الشرعية فيها، وكم أتمنى أن يكون عضو الهيئة من أعضاء الهيئات التدريسية في بعض الكليات الجامعية الشرعية، وممن مارس تدريس فقه المعاملات فيها، فإن ذلك أجدى لنضجه ومزيد معرفته بالأمور الاقتصادية التي تحتاج إليها الهيئات الشرعية.
5) الأصول والجذور والمصادر التي يجب أن ينطلق منها علماء الهيئات الشرعية في فتاواهم، والأمور التي يجب أن يحذروا من السقوط فيها.
يختلف الكثيرون من أعضاء الهيئات الشرعية في المؤسسات الاقتصادية الإسلامية في منهجهم في القيام بأعبائها ومشاركتهم في فتاواها، فالبعض يميل إلى التشدد ويمتنع عن الموافقة على كثير من العقود و التصرفات التي تتقدم بها إدارة المؤسسة الاقتصادية إلى هيئتها للموافقة عليها، والبعض الآخر يميل إلى التساهل والتسامح الشديد ويتسرع في الموافقة على كل ما يعرض عليه من فتاوى وعقود، ويتهم كل من الطرفين الآخر بالخطأ في منهجه.
والواجب –في نظري- حسم الموضوع في ذلك، ووضع منهاج يوافق عليه الجميع، يجعل أعضاء هيئات الرقابة الشرعية في المؤسسات الاقتصادية الإسلامية على طريق الإسلام السهل المنضبط، فلا يجوز التشدد فيما أباحه الإسلام، ولا يجوز التساهل فيما حرمه ومنع منه.
والضابط الصحيح -في نظري- هو التزام أقوال وفتاوى أئمة المذاهب الفقهية الأربعة: المذهب الحنفي، والمذهب المالكي، والمذهب الشافعي، والمذهب الحنبلي، وعدم الخروج عليها فيما نصت عليه من المسائل، وعدم الجمود في الوقت نفسه عند أحدها لا يغادَر إلى غيره مهما دعت الأسباب والمصالح، أما الأمور المستجدة التي لم يبحث فيها الفقهاء، وهي مع قلتها من الأهمية بمكان، فالواجب تخريجها على أصول فقهاء المذاهب الأربعة السابقين، وعدم اللجوء إلى الأقوال الشاذة التي نص الفقهاء على شذوذها وخروجها عن القواعد العامة المتفق عليها بينهم، كما لا يجوز الأخذ بأقوال المذاهب التي لم تُنقل نصوصها عن فقهائها المعتمدين نقلا موثوقا به، كمذهب الإمام الأوزاعي، وابن شبرمة، والحسن البصري، وغيرهم، كما لا يجوز التزام أقوال العلماء الذين لم تتفق الأمة على أهليتهم للاجتهاد في الفقه، على علو مقامهم وشهرتهم، كالإمام البخاري إمام علماء الحديث، وأحمد تقي الدين بن تيمية، وابن قيم الجوزية، وغيرهم.
6) حكم التزام الهيئات الشرعية بقرارات المجامع الفقهية.
المجامع الفقهية نعمة امتن الله تعالى بها على أمتنا الإسلامية في العصر الحديث، حيث قل المجتهدون أو ندروا، وتفاقمت المسائل المستجدة في عالم الفقه الإسلامي عامة، والفقه الاقتصادي خاصة، وعرضت علينا عقود وتصرفات اقتصادية لم تألفها أمتنا، ولم يبحث فيها فقهاؤنا السابقون، على اهتمامهم بكل مسائل الفقه المعروض والمتوقع، وقد اختلف فيها الفقهاء المعاصرون اختلافا كبيرا، فكان وجود المجامع الفقهية المخلَُِِِّّّص الأساس من اختلاف الفقهاء في هذه الأمور المستجدة، ولكن على أهمية هذه المجامع، ورجحان فتاواها وقراراتها التي اتخذتها وتتخذها سنة بعد سنة، لم يقل أحد بإلزاميتها لجميع المسلمين، فلا إلزام إلا فيما ورد فيه نص شرعي من القرآن أو السنة، أو أجمع عليه الفقهاء من غير مخالف فيهم، سواء كان إجماعا قوليا -كما يتفق عليه الجميع- أو إجماعا سكوتيا كما يقول به البعض، وقرارات المجامع الفقهية لم ترق إلى رتبة أي من هذين النوعين من الإجماع، ولذلك يجب علينا أن نقرر أنها غير ملزمة لأحد من المسلمين ولو صدرت بإجماع الباحثين في المجمع، ومن باب أولى إذا صدرت بالأكثرية، ولا يعني هذا عدم أهميتها، أو عدم ضرورة الرجوع إليها، بل الواجب –في نظري- على كل فقيه معاصر، سواء كان منفردا أو عضوا في هيئة شرعية، أن لا يبت في موضوع مستجد لم ينقل في المذاهب الأربعة فيه قول أو رأي، وقد عرض على أحد المجامع الفقهية المعتمدة، وصدر فيه فتوى أو قرار بالإجماع أو بالأكثرية منه، أن لا يبت فيه قبل أن ينظر في قرار وفتوى هذا المجمع، وينظر في البحوث المقدمة إليه في الموضوع، ثم يتخذ قراره بعد ذلك، موافقا أو مخالفا لقرار أو فتوى المجمع، وذلك من باب قوله تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (آل عمران: من الآية159).
وبالتالي فإن علينا أن نستنير بما ذهبت إليه المجامع الفقهية دون أن يكون ذلك ملزما لنا إلزاما لا يجوز الخروج عليه، وهو ما تقوم به عامة الهيئات الشرعية في المؤسسات الاقتصادية الإسلامية، ولكن من حيث الواقع فإن عامة ما تذهب إليه المجامع الفقهية ملتزم غالبا لدى هذه الهيئات.
7) حجية قرارات الهيئات الشرعية في المجال القانوني.
اشترطت قوانين ونظم عامة المؤسسات الاستثمارية الإسلامية، مصارف أو شركات، بأن يكون لكل منها هيئة شرعية من فقهاء العصر المميزين، تشرف على أعمالها وقراراتها، وتفتيها في كل ما تحتاج إليه من أعمال استثمارية أو غيرها، وقضت بأن هذه الفتاوى والآراء والقرارات الصادرة عن الهيئات الشرعية التابعة لها ملزمة لها، ولا خيار لها في قبولها أو الخروج عليها، ويكون ذلك تحت رقابة البنك المركزي في البلد الذي تتبع له المؤسسة الاستثمارية الإسلامية، وإلا لما كان للهيئة الشرعية مكان فيها.
وقد جاء في المادة /40/ من النظام الأساسي لشركة بنك الشام المساهمة المغفلة في الجمهورية العربية السورية ما يلي:
آ)) تعيِّن الجمعية العمومية للمساهمين بناء على اقتراح مجلس الإدارة ثلاثة أعضاء على الأقل من علماء الفقه والشريعة والقانون أعضاء في هيئة الرقابة الشرعية للشركة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، ويحدد قرار التعيين تعويضاتهم السنوية، ويُعلَم مصرف سورية المركزي بهذا القرار.
ب)) يكون رأي الهيئة الشرعية ملزماً للبنك.
ج)) لا يجوز عزل أو إقالة الهيئة الشرعية أو أي عضو فيها خلال مدة التعيين، إلا بقرار من قبل الجمعية العمومية للمساهمين.
د)) تتولى هيئة الرقابة الشرعية الأعمال الآتية:
1- مراقبة أعمال البنك وأنشطته من حيث توافقها وعدم مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية.
2- إبداء الرأي في صيغ العقود اللازمة لأنشطة البنك وأعماله.
3- النظر في أية أمور تكلف بها من قبل مجلس الإدارة أو وفقا لتعليمات مصرف سورية المركزي.
كما جاء في المادة /93/ من القانون رقم /3/ لسنة 2003م الصادر في دولة الكويت، ما يلي:
تشكل في كل بنك إسلامي هيئة مستقلة للرقابة الشرعية على أعمال البنك لا يقل عدد أعضائها عن ثلاثة، تعينهم الجمعية العامة للبنك، ويجب النص في عقد التأسيس والنظام الأساسي للبنك على وجود هذه الهيئة، وكيفية تشكيلها واختصاصها وأسلوب ممارستها لعملها.
وفي حالة وجود خلاف بين أعضاء هيئة الرقابة الشرعية حول الحكم الشرعي يجوز لمجلس إدارة البنك المعني إحالة الخلاف إلى هيئة الفتوى بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي تعتبر المرجع النهائي في هذا الشأن.
كما جاء في المادة /5/ من القانون الاتحادي الإماراتي رقم /6/ لسنة 1985م بشأن المصارف والمؤسسات المالية والشركات الاستثمارية الإسلامية ما يلي:
تشكل بقرار من مجلس الوزراء هيئة عليا شرعية تضم عناصر شرعية وقانونية ومصرفية تتولى الرقابة العليا على المصارف والمؤسسات المالية والشركات الاستثمارية الإسلامية للتحقق من مشروعية معاملاتها وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، كذلك إبداء الرأي فيما يعرض على هذه الجهات من مسائل أثناء ممارستها نشاطها، ويكون رأي الهيئة العليا ملزما للجهات المذكورة، وتلحق هذه الهيئة بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف.
كما نصت المادة /17/ من القانون رقم /21/ لسنة 1996م بشأن المصارف الإسلامية في الجمهورية اليمنية على ما يلي:
آ)) يكون للمصرف هيئة للرقابة الشرعية مؤلفة من ثلاثة إلى سبعة أشخاص من ذوي الاختصاص والأهلية، ويحدد النظام الأساسي طريقة اختيارهم وتحديد مكافآتهم.
ب)) تقوم الهيئة بوضع وإقرار صيغ عمل المصرف، ومراجعة معاملات المصرف، وتصرفاته وتحرير القرارات اللازمة عليها، طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
ومن أجل ضمان تلك الإلزامية لقرارات وفتاوى الهيئات الشرعية اشترطت عامة أنظمة هذه الهيئات الاستثمارية الإسلامية على الهيئات الشرعية أن ترفع للجمعية العمومية في الشركة أو البنك الإسلامي تقريرا سنويا تبين فيه مدى التزام الشركة أو البنك بفتاوى وقرارات هذه الهيئة.
من ذلك ما جاء في الفقرة هـ من المادة /40/ من النظام الأساسي لشركة بنك الشام المساهمة المغفلة في سوريا ونصها ما يلي:
هـ - تقدم هيئة الرقابة الشرعية للبنك تقريرا سنويا إلى الجمعية العمومية للمساهمين، تبين فيه مدى التزام البنك بأحكام الشريعة الإسلامية للفترة موضوع التقرير، وكذلك ملاحظاتها وتوصياتها، ويتضمن تقرير الهيئة في التقرير السنوي للبنك.
ومنه ما جاء في آخر المادة 93 من القانون رقم /3/ لسنة 2003م الصادر عن دولة الكويت، ونصه ما يلي:
ويجب على الهيئة أن تقدم تقريرا سنويا إلى الجمعية العامة للبنك يشتمل على رأيها في مدى مسايرة أعمال البنك لأحكام الشريعة الإسلامية وما قد يكون لديها من ملاحظات في هذا الخصوص، ويدرج هذا التقرير ضمن التقرير السنوي للبنك.
ومنه أيضا ما جاء في الفقرة ج من القانون رقم /21/ لسنة 1996م بشأن المصارف الإسلامية في الجمهورية اليمنية ونصها ما يلي:
يعتبر رأي هيئة الرقابة الشرعية نهائيا في شرعية الصيغ التي يتعامل بها المصرف وملزما له، وتصدر هيئة الرقابة الشرعية تقريرا سنويا عن مدى التزام المصرف بالصيغ الشرعية، ومدى التزامه بتوجيهات الهيئة، ويتعين على المصرف توزيع التقرير على المساهمين سنويا.
8) نشر الفتاوى الشرعية الصادرة عن هذه الهيئات للانتفاع بها.
من المهم جدا –كما أشرت سابقا- نشر ما تفتي به وتقرره الهيئات الشرعية في المؤسسات الاقتصادية الإسلامية، ليستنير به أعضاء باقي الهيئات الشرعية، فيكون عاملا مهما في توحيد الفتاوى والقرارات الاقتصادية الإسلامية، أو التقريب بينها، وهو من الأهمية بمكان، لما فيه من مزيد التعاون بين هذه المؤسسات الإسلامية، ثم إن فيه فائدة كبرى لعامة الباحثين في نطاق الاقتصاد الإسلامي، والمتقدمين للحصول على شهادات الماجستير والدكتوراه في الموضوعات الاقتصادية، وذلك لما لسمعة ومكانة أكثر أعضاء هذه الهيئات وقيمتهم العلمية وثقة الناس بهم، بل إن هذه المنشورات تعد أساسا لكتابة بحوث شرعية وكتب فقهية في الموضوع، وقد قام العديد من هذه الهيئات الشرعية بنشر فتاواها وقراراتها، ومن ذلك بيت التمويل الكويتي، وشركة أعيان للإجارة والاستثمار الكويتية ، وغيرهما أيضا.
9) العمل على التوحيد أو التقريب بين فتاوى الهيئات الشرعية، لتسهيل مزيد من التعاون بين المؤسسات الاقتصادية الإسلامية.
من الأهمية يمكان العمل بشكل حثيث على التقريب بل التوحيد -إذا أمكن- بين فتاوى الهيئات الشرعية للمؤسسات الاقتصادية الإسلامية، لما له من أهمية بالغة في تعاون هذه المؤسسات بعضها مع بعض، ولكن يجب أن يكون ذلك عن طريق العرض والتشاور، وليس عن طريق الإلزام أو الإجبار، ويساعد على ذلك كثيرا نشر الفتاوى الصادرة عن هذه الهيئات الشرعية، وتقبل الردود عليها ومناقشتها، وعقد المؤتمرات العلمية لدراسة الأمور التي جرى فيها الاختلاف بين هذه الهيئات، مما ينتج عنه في الغالب توحيد الفتاوى أو التقريب بينها قدر الإمكان.
والله تعالى أجل وأعلم.
الإثنين 13 شوال 1429هـ و 13/10/2008م
أ.د.أحمد الحجي الكردي
خبير في الموسوعة الفقهية
وعضو هيئة الفتوى في دولة الكويت