رجوع المتهَم عن الإقرار الصادر عنه
المخطط العام للبحث
تعريف الإقرار لغة واصطلاحاً.
التكييف الفقهي للإقرار، والأحكام المترتبة عليه.
مشروعية الإقرار وحجيته وأدلة ذلك.
ركن الإقرار.
شروط صحة الإقرار:
1-العقل والبلوغ.
2-القصد والاختيار.
3-حرية المقر.
4-الجزم في الصيغة.
5-معلومية المقَر به.
6-معلومية المقِر.
7-معلومية المقَر له.
8-عدم رد المقَر له للمقَر به.
9-تكرار الإقرار.
الرجوع في الإقرار ووجوهه:
1-الرجوع بصريح القول أو الفعل.
2-الاستثناء: حكمه-شروطه.
3-البيان بعد الإجمال.
4-الإضراب.
5-إنكار الإقرار أو دعوى الكذب أو الخطأ فيه.
6-دعوى قضاء الحق الثابت بالإقرار.
بسم الله الرحمن الرحيم
تعريف الإقرار:
الإقرار في اللغة: الاعتراف والثبات، يقال أقر بالشيء إذا اعترف به، وقرره غيره فأقر أي حمله على الاعتراف فاعترف، وقر الشيء إذا ثبت مكانه، والاسم القرار، والاستقرار(1).
والإقرار في الاصطلاح الفقهي: إخبار المقر بحق عليه للغير، وهو مقابل للدعوى التي هي: إخبار بحق له على الغير، فإذا قال: لفلان عليَّ كذا كان إقراراً، وإذا قال: لي على فلان كذا كان دعوى(2).
التكييف الفقهي للإقرار، والأحكام المترتبة عليه: (3).
الإقرار إخبار من وجه، إنشاء من وجه آخر، والإخبار هو الأقوى، ذلك أن المقر مخبر بأمر سابق، ومرتب على نفسه بإقراره حكماً والتزاماً ما كان ليلتزمه لولا ذلك الإقرار، ولهذا فإن أحكام الإقرار وآثاره تتعدد بحسب تعدد وجهيه السابقين.
ومن أمثلة ذلك:
آ-بحسب كونه إخباراً:
1-يصح إقراره بمال مملوك للغير ويلزمه تسليمه إلى المقر له إذا ملكه برهة من الزمان، لنفاذه عليه، ولو كان إنشاء لما صح أصلاً، لعدم وجود الملك له وقته كبيع الفضولي، فإنه موقوف على خلاف الإقرار هنا.
مثال ذلك، أن يقر بحرية عبد غيره ثم يشتريه، فإنه يعتق عليه، ولا يرجع بالثمن على أحد، وكذلك إقراره بوقفية عقار مملوك لغيره، فإنه إذا اشتراه أو ورثة بعد ذلك صار وقفاً، ولو كان الإقرار إنشاء لما عتق العبد ولا جعل العقار وقفاً، لعدم الملك عند الإقرار.
2-إذا أقر بطلاق زوجته أو إعتاق عبده مكرهاً، لم تطلق زوجته، ولم يعتق عبده، ولو كان الإقرار إنشاء هنا لطلقت زوجته ولعتق عبده.
3-إذا أقر المأذون بعين في يده لآخر، صح إقراره ولزمه تسليمها، ولو كان إنشاء لما صح، وكذلك إقرار المسلم بخمر لآخر، أو بنصف داره وهي مشاعة..
4-إذا أقرت امرأة بالزوجية لآخر بدون شهود، صح إقرارها، ولزمتها الزوجية ولو كان إنشاء لما صحت الزوجية، لانعدام الشهود.
5-إذا أقر رجل لآخر بشيء معين، فليس للمقر له أن يدعي على المقر هذا الشيء المقر به بناء على الإقرار وحده، لأنه إخبار، وهو يحتمل الصدق والكذب نعم لو قال: هو ملكي وأقر لي به، جاز.
ب-بحسب كونه إنشاء:
1-أقر إنسان لآخر بشيء، فرد المقر له هذا الإقرار، ثم قبل به بعد ذلك، بطل الإقرار، ولو كان إخباراً هنا لصح مطلقاً، فإذا قبل به ثم رده لم يرتد بالرد، فإذا أقر له فرده، ثم أقر له ثانية فقبله، صح، لأنه إنشاء، وليس إخباراً هنا.
2-الإقرار يظهر في حق المقر به فقط دون زوائده المستهلكة، فلو أقر ببقرة لآخر، لم يدخل في ذلك ابنها الصغير الملحق بها المستهلك، ولو ثبت عليه ما أقر به بالبيِّنة، لدخل ابنها تبعاً لها، وضمنه للمدعي.
3-يصح الإقرار بحق كل من يصح منه إنشاء هذا الحق، كالحر المكلف، والعبد المأذون، وكذلك الصبي المأذون، إذا كان إقرارهما فيما أذنا فيه من أعمال التجارة، ولو كان إخباراً لما صح من المأذونين.
مشروعية الإقرار وحجيته:
الإقرار مشروع في الشريعة الإسلامية، وهو حجة قاطعة قاصرة على نفس المقر في إثبات الحقوق جميعاً، وكونه قطعي مجاز، والحقيقة أنه ظني لا قطعي لإمكان الكذب فيه، إلا أنه لرجحان جانب الصدق فيه رجحاناً كبيراً كان كالقطعي، فسمي به على سبيل المجاز، وأعطي حكمه.
والأصل في مشروعية الإقرار الكتاب والسنة والإجماع والمعقول:
آ-فأما الكتاب فآيات كثيرة، منها:
1-قوله تعالى (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين.. قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري؟ قالوا: أقررنا، قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين(4).
2-وقوله تعالى (وآخرون اعترفوا بذنوبهم (5).
3-وقوله سبحانه (ألست بربكم؟ قالوا: بلى)(6).
4-وقوله جل من قائل (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره)(7).
ب-وأما السنة، ففي أحاديث كثيرة منها: (8)
1-حديث ماعز، فقد أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقراره وحدّه حد الرجم.
2-حديث الغامدية، فقد أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقرارها أيضاً، وحدّها.
3-قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنيس: (اغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها).
ج-وأما الإجماع، فإن الأئمة والأمة كلها مجمعة على صحة الإقرار والاحتجاج به في مختلف الحقوق من غير نكير، وقد روى ذلك الجماهير عن الجماهير(9).
د-وأما المعقول، فلأن الإقرار إخبار على وجه ينفي عنه التهمة والريبة، فإن العاقل لا يكذب على نفسه كذباً يضر بها، ولهذا كان الإقرار آكد من البينة، فإن البينة لا تسمع مع الاعتراف، ولكن مع الإنكار فقط(10).
ركن الإقرار: (11)
ركن الإقرار الصيغة التي يتألف منها ويقوم بها، وهي في الأصل القول الصريح، كقوله: أقر بأن لفلان عندي ديناً، أو أقر بأن لفلان لدي ديناً، أو لفلان عندي أمانة..، فلو حذف كلمة (أقر) وكلمة (دين) أو (أمانة) كان إقراراً ضمنياً، وهو صحيح أيضاً، كأن يقول: له عليّ، أو له قبلي، فإنه إقرار بدين لاستعمال ذلك فيه، لأن عليّ للإيجاب، وقبلي للضمان غالباً، فإذا وصل بكلامه كلمة وديعة، أو رهناً.. كان كما وصل، لاحتمال كلامه ذلك، فإن فصل بينهما تقرر ديناً، وكان الوصف المفصول رجوعاً في الإقرار، وهو باطل –كما سوف يأتي-.
فلو قال: له عندي أو معي أو في بيتي.. كان إقراراً بأمانة، عملاً بالعرف. فإن قال: جميع مالي أو ما أملكه له، أو له مالي... فهو هبة وليس إقراراً..
فإذا قال رجل لآخر: لي عليك ألف، فقال: اتَّزنها، أو انتقدها.. فهو إقرار له بها، لرجوع الضمير إليها، للقاعدة الفقهية الكلية: (السؤال معاد في الجواب)(12)، فكان التقدير: لك عندي تلك فاتزنها.. وذلك في كل جواب لا يصلح للابتداء به مستقلاً كاتزنها، أو غير مستقل كنعم وبلى. فإذا كان يصلح للابتداء، لم يجعل إقراراً بمضمون السؤال، سواء أصلح للبناء أيضاً أم لا، كأن يقول له: لي عندك ألف درهم ديناً، فيقول: لك عندي خمسون درهماً أمانة، فإنه لا يجعل مقراً بالدين...
وهل ينعقد الإقرار بالإشارة والكتابة والمعاطاة كما ينعقد باللفظ؟ هذا ما سوف يتضح في مبحث شروط صحة الإقرار.
شروط صحة الإقرار:
يشترط لصحة الإقرار باتفاق الفقهاء أن يكون جانب الصدق فيه راجحاً على جانب الكذب، وذلك مناط الحجية فيه، لأنه محتمل لهما في الأصل، ولا يكون كذلك إلا إذا توافرت فيه شروط، وهي:
آ-أن يكون المقر عاقلاً بالغاً: (13)
ذلك أن الإقرار تصرف قولي، وهو باطل من المجنون بالاتفاق لإلغاء عبارته أصلاً، وكذلك الصغير غير المميز، وذلك كله لحديث النبي صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ)(14).
أما الصبي المميز، فكذلك إذا كان غير مأذون له بالتجارة من قبل وليه، لأن الإقرار ضرر محض في حقه، فلا يصح منه، فإذا كان مأذوناً له في التجارة، فقد ذهب بعض الفقهاء منهم أبو حنيفة وأحمد إلى صحة إقراره في أمور التجارة لأنه مأذون له فيها، وذهب الشافعي إلى أنه لا يصح إقراره بمال، للحديث السابق، وذهب بعض الفقهاء كأبي بكر وابن أبي موسى إلى أن إقراره في اليسير من أمور التجارة جائز، دون الكبير منها، وهو مناسب، ولا أعتقد أن الحنفية وأحمد يخرجون عن هذا.
ب-القصد والاختيار في المقر:
يشترط لصحة الإقرار القصد والاختيار في المقر عند الإقرار، فيخرج بذلك المكره والنائم والمغمى عليه، فإن إقرارهم باطل، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)(15)، وحديثه صلى الله عليه وسلم السابق (رفع القلم..) ثم إن المغمى عليه كالنائم فأعطي حكمه.
أما السكران، فإن كان سكره بغير معصية، كشربه المسكر مكرهاً أو مضطراً، لم يصح إقراره، لعدم القصد، قياساً له على النائم، وإن كان بمعصية، فقد ذهب الحنفية والشافعية إلى صحة إقراره في الأموال وفي كل ما لا يجوز له الرجوع فيه بإقراره، كالإقرار بالقتل عمداً، وأخذ المال.. ففي الأول يقتص منه، وفي الثاني يغرم المال..
فإن كان بما يجوز له الرجوع فيه كالردّة، والحدود التي هي حق الله تعالى، كالزنى والشرب، فإنه لا يصح.
وذهب الحنبلية إلى عدم صحة إقرار السكران مطلقاً في كل الحقوق، لعدم قصده، قياساً على المجنون، والمغمى عليه، إلا أن ابن قدامة أشار إلى أنه يتخرج أن يصح بناء على وقوع طلاقه، لأن أفعاله تجري مجرى الصاحي(16).
حجة الحنفية والشافعية أنه أوقع نفسه في حال عدم القصد بمعصية، فيرد عليه عمله، ولا يجعل ذلك سبيلاً إلى نعمة الإعفاء من المسؤولية.
وحجة الحنبلية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنكه ما عزا عندما أقر أمامه بالزنا، وإنما فعل ذلك ليعلم أهو سكران أم لا، ولو كان السكران مقبول الإقرار لما احتيج إلى تعرف براءته منه(17).
إلا أن دليل الحنبلية هنا ضعيف –فيما أرى- إذا استثنينا الزنا وما يسقط بالرجوع في الإقرار، وجعلنا دلالة حديث ما عز مقصورة على هذا النوع من الحدود، كما فعل الحنفية.
جـ-حرية المقَر: (18)
ذهب الفقهاء إلى أن إقرار العبد والأمة كالحر من حيث الانعقاد والصحة، إلا أن العبد إذا أقر بمال لم ينفذ إقراره إلا بعد عتقه لما فيه من تغريم السيد، وقد تقدم أن الإقرار حجة قاصرة على نفس المقر، وكذلك إذا أقر بما يوجب المال كالقتل الخطأ.
فإذا أقر بحد، صح وأقيم عليه الحد بالاتفاق، فإذا أقر بما يوجب القصاص، فقد ذهب الجمهور والحنبلية في أحد قولين إلى صحته ونفاذه عليه فوراً كالحدود، سواء أكان قصاصاً بالنفس أو بما دون النفس، وذهب الحنبلية في قول آخر إلى أن إقراره بما دون النفس صحيح نافذ، أما إقراره بالقصاص بالنفس فإنه يصح إلا أنه لا ينفذ عليه فوراً ولكن بعد العتق، لما في تنفيذه فوراً تفويت حق المالك، وهو قول زفر والمزني وداود والطبري.
هذا والسفية كالرقيق هنا، لأنه ممنوع من التصرف في المال خاصة، على خلاف الصبي المميز، فإنه ممنوع من المال وغيره، وكذلك المريض مرض الموت إذا أقر لوارث بمال، فإنه موقوف على إجازة الورثة، وكذلك إقراره لغير الوارث إذا زاد عن الثلث في قول بعض الفقهاء، أما ما سوى ذلك فيصبح نافذاً مطلقاً.
د-أن يكون بصيغة الجزم: (19)
يجب في صيغة الإقرار أن تكون مفيدة معنى الالتزام، سواء أكان ذلك صريحاً كقوله: لك عندي، أو في ذمتي.. أو ضمناً بأن قال له: لي عليك ألف، فقال: انتقدها، أو اتزنها، أو أجَّلنيها، فإنه إقرار ضمناً، وكذلك إذا كان الجواب مبهماً، كأن قال له: أليس لي عندك ألف، فقال: بلى، أو قال: لي عندك ألف، فقال نعم، فإنه إقرار بالألف فيهما لأن هذه الألفاظ وضعت للتصديق، ومنه قوله تعالى: (هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؟ قالوا نعم(20)، وقوله سبحانه: (ألست بربكم؟ قالوا بلى (21)، فإذا اشترى سلعة من آخر كان مقراً ضمناً بملكية البائع لها، وليس له الادعاء في ملكيتها بغير هذا الشراء بعد ذلك للتناقض(22).
وهل يشترط في الإقرار أن يكون باللفظ فقط، ولا يصح بالإشارة المفهومة، والكتابة المرسومة المستبينة، أو المعاطاة؟
والجواب أن الإقرار تصرف قولي، فيصح بكل ما تصح به التصرفات القولية الأخرى، فيصح بالكلام مطلقاً، ويصح بالإشارة المفهومة عند العجز عن الكلام، وكذلك بالكتابة المرسومة المستبينة والمعاطاة، شأنه في ذلك شأن البيع والإجارة...
فلو قال له: لي عندك ألف، فأشار برأسه موافقاً، كان إقراراً إذا كان عاجزاً عن الكلام، فإذا كان قادراً عليه لم يكن إقراراً لعدم الاعتداد بالإشارة مع القدرة على القول في كل التصرفات القولية، فكذلك الإقرار، أما الكتابة فيصح الإقرار بها عند العجز عن القول عند الحنفية والشافعية، فإذا قدر على القول لم يصح الإقرار بها، وذهب الحنبلية إلى أن الكتابة كالقول، تصح بها التصرفات القولية مع القدرة على القول ومع العجز عنه على سواء(23).
فإذا قال له: لي عندك ألف، فدفعها له، كان مقراً بها، وليس له استرجاعها، لأنه إقرار بالتعاطي، وهو صحيح.
هذا كله في غير الحدود، أما الحدود فكذلك عند الشافعي، وأبي ثور، وابن المنذر، وهو قول ابن القاسم من المالكية، وقول القاضي من الحنبلية.
وذهب الحنفية إلى أن إشارة الأخرس في الحدود لا تقبل مطلقاً، لأنها تحتمل شيئاً آخر معه، فكان ذلك شبهة يدرأ بها الحد(24)، لأنها مما يندرئ بالشبهات، بخلاف الأموال وما إليها.
هـ-معلومية المقر به: (25)
ذهب الفقهاء إلى أنه إذا أقر بحق معلوم واضح صح، ولزمه ما أقر به، كأن يقول: لفلان عليّ ألف درهم، فإن أقر بمجهول فقال: لفلان عليّ مال، ولم يحدد المال، أو بما فيه نوع جهالة، كأن قال: لفلان عليّ ألف ولم يبين جنسها ونوعها وصفتها، صح أيضاً، ووجب عليه البيان، وقبل منه بيمينه أقل ما ينصرف إليه إقراره إن ادعى المقَر له أكثر من ذلك ولا بيَّنة له. فإذا أقر فقال: عليّ مال لفلان، لم يصدق بما دون درهم، فإذا قال: عليّ لفلان مال عظيم، لم يصدق بما دون نصاب الزكاة..
هذا إذا لم يبين في إقراره سبباً لما أقرّ به مما تضره الجهالة وتفسده، فإن بين ذلك، بأن قال: لفلان عندي مال قيمة شيء اشتريته منه، أو استأجرته منه، لم يصح إقراره، لأن البيع والإجارة مما تفسده الجهالة، فلا يطالب بشيء هنا.
فإذا أقر بمجهول وامتنع عن تفسيره، حبس حتى يفسر ما أقر به، لدى الجمهور، وذهب القاضي من الحنبلية إلى أنه يجعل ناكلاً، ويؤمر المقَر له بالبيان، فإن بين شيئاً فصدقه المقِر ثبت، وإن كذبه وامتنع من البيان قيلَ له: إن بينت وإلا جعلناك ناكلاً وقضينا عليك، وهو قول أصحاب الشافعي، إلا أنهم قالوا: يقال له: إن بينت وإلا حلفنا المقَر له على ما يدعي به وأوجبناه عليك، فإن فعل، وإلا حلفنا المقر له، وأوجبناه على المقر(26).
فإذا أقر بمجهول ثم بينه بما لا يحتمله اللفظ، لم يقبل منه ذلك، وعُدَّ رجوعاً عن الإقرار، وذلك مثل أن يقول: لك عندي مال، ثم يبين بأنه ميتة، فإنه لا يقبل منه، وسوف يأتي مزيد تفصيل له في مبحث الرجوع عن الإقرار.
و-معلوميَّة المُقِر: (27)
يشترط لصحة الإقرار معلومية المقر، فإذا قال لثالث: لك على أحدنا ألف، لم يصح الإقرار، ذلك أنه لا يصح على الثاني لأن الإقرار حجة قاصرة لا تتعدى غير المقر، ولا يصح على المقر نفسه، لعدم الجزم بالالتزام، وهو شرط صحة الإقرار كما تقدم.
ز-معلوميَّة المقَر له: (28)
إذا كان المقر له مجهولاً جهالة فاحشة لم يصح الإقرار، لعدم المطالب أصلاً، مثل أن يقول: لواحد من الناس عندي مئة درهم.
فإذا كانت الجهالة في المقر له غير فاحشة، كأن قال: لأحد هذين عندي مئة درهم، فإنه يصح، إلا أنه لا يجبر على البيان عند الحنفية، ويجبر عليه عند الحنبلية، إلا أنه يؤمر عند الحنفية بالتذكر إن ادعى النسيان.
وزاد بعض الحنفية أنه يحلف لكل من المقر لهما إذا ادعيا عليه، فإن حلف لهما لم يلزمه شيء، وإن حلف لواحد منهما ونكل للآخر، لزمه ما أقر به للآخر، وإن نكل لهما، قضي عليه بما أقر به لهما مناصفة.
هذا كله إذا لم يتفق المقر لهما على اقتسام المقر به، وإلا لزمه ما أقر به، وقسم بينهما على ما اتفقا عليه، وهو قول أبي يوسف ومحمد من الحنفية.
ح-عدم رد المقر له للإقرار:
لم يشترط الفقهاء لصحة الإقرار قبول المقر له للإقرار، إلا أنهم صرحوا بأن الإقرار بالمال مما يرتد برد المقر له، لأن المقرر في القواعد العامة أنه لا يدخل شيء في ملك أحد بغير رضاه إلا الميراث.
وعلى هذا إذا أقر إنسان لآخر بمال أو حق فرده أو كذّب المقر في ذلك، بطل الإقرار، واستثنى الحنفية من ذلك مسائل ستاً قالوا إن الإقرار فيها لا يبطل بالرد، وزاد بعضهم فيها مسألتين فكانت ثمانياً، وهي: الإقرار بالحرية، والنسب، وولاء العتاقة، والوقف، والطلاق، والرق، والإرث، والنكاح، فإن هذه مما يصح الإقرار بها ولا يرتد برد المقر له، وذلك لتعلق حق الشرع بها، ولأن الشارع يتشوف إلى إثباتها، وقد وجد ذلك بالإقرار، فلا يبطل بعد ذلك برد المقَر له..
فإذا صدّق المقَر له المقِر في إقراره ثم كذّبه بعد ذلك، فلا قيمة لهذا التكذيب، والإقرار ماض على صحته.
أما إذا كذبه ثم صدقه بعد ذلك، فقد ذهب الحنبلية إلى أن المقَر به يُدفع للمقر له، لأنه يدّعيه ولا منازع له، هذا ما لم يرجع المقر عن إقراره، فإذا رجع عن إقراره، بقي المقَر به في يده بيمينه، ولا قيمة لرجوع المقَر له في تكذيبه بعده.
وذهب الحنفية إلى أنه إذا أراد الإقرار بطل، فإذا صدقه بعد ذلك لم يرجع إلى الصحة مطلقاً، إلا في المسائل الثماني المتقدمة، لعدم عمل الرد فيها، إلا أن يعيد المقِر إقراره ثانية فيصدقه المقَر له، فيجوز، لأنه إقرار جديد(29).
فإذا أقر على نفسه بالزنا بامرأة معينة، فكذبته، فإنه يحد عند الحنبلية والشافعية، دون المرأة، وذهب الحنفية إلى سقوط الحد عنهما للشبهة(30).
ط-أن لا يكذب الظاهر المقِرَّ:
فإن الإقرار إخبار كما سبق، وهو في الأصل يحتمل الصدق والكذب، إلا أنه رجح فيه جانب الصدق رجحاناً بيِّناً، وقلت التهمة، لما فيه من إلزام نفسه بما لم يلزمه بغير إقراره، وهذا الرجحان هو مستند الحجية فيه –كما تقدم- فإن ظهر كذبه لم يعد فيه حجة، لعدم رجحان الصدق، بل لرجحان الكذب الذي يشهد له الظاهر، كأن يقر لفلان بأنه ابنه وهو أكبر منه سناً، أو يقر بالزنا وهو مجبوب، فإن إقراره فاسد في ذلك كله، لتكذيب الظاهر له(31).
ي-تكرار الإقرار:
اتفق الفقهاء على أن الإقرار حجة في الدعاوي المدنية جميعاً ولو كان مرة واحدة، فلا يشترط فيه التكرار عندهم بالاتفاق، أما الدعاوى الجزائية فقد ذهب المالكية والشافعية إلى الاكتفاء فيها بالإقرار مرة واحدة أيضاً، وخالف بعض الفقهاء في الزنا والسرقة خاصة.
فذهب الحنفية والحنبلية، إلى أن حد الزنا لا يقام بالإقرار إلا إذا تكرر أربع مرات في أربعة مجالس، وكذلك حد السرقة، فقد ذهب الحنبلية وأبو يوسف وزفر من الحنفية، إلى أنه لا يثبت بالإقرار إلا إذا تكرر مرتين، وذهب الجمهور وفيهم أبو حنيفة ومحمد من الحنفية إلى أنه يقام بالإقرار مرة واحدة(32).
الرجوع عن الإقرار:
إذا أقر إنسان لآخر بمال أو حق.. عليه، وكان الإقرار مستوفياً لشروطه، لزمه ما أقر به، وكان للمقر له مطالبته به، فإذا رجع المقر عن إقراره بعد ذلك، فهل يبطل إقراره، ويسقط حق المقر له في المطالبة؟
الحكم يختلف باختلاف طريق الرجوع ونوعه، فهو إما أن يكون صريحاً كقوله رجعت عن إقراري أو كذبت في إقراري، أو أخطأت فيه.. أو رجوعاً ضمنياً كإقراره ثانية بما يناقض إقراره الأول، بأن قال لآخر أنت ابني، ثم قال له أنت ابن أخي. ثم الرجوع إما أن يكون كلياً كما في تكذيب نفسه، أو جزئياً كاستثناء جزء مما أقر به، أو بيانه بعد إجمال بما يقلله، وذلك مثل أن يقول: لك عندي ألف درهم إلا مئة درهم، أو لك عندي بقرة مريضة، أو درهم زيوف أو ناقصة..
ولبيان ذلك لا بد من استعراض أنواع الرجوع المختلفة، وبيان أثر كل منها على المقر به، وذلك على الوجه الآتي:
الرجوع في الإقرار بصريح القول أو الفعل:
إذا أقر إنسان بحق أو مال.. ثم رجع عن إقراره بقول صريح، كأن قال: رجعت أو عدلت، أو رجع بالفعل بأن أقر بالحد، ثم هرب أثناء إقامة الحد عليه، فقد اتفق الفقهاء على أنه لا عبرة لرجوعه هذا فيما هو من حقوق العباد، فإذا أقر إنسان لآخر بمال ثم رجع عن إقراره، لزمه المال وبطل رجوعه..
أما حقوق الله تعالى، فإنه يقبل فيها الرجوع عند الجمهور ويلغى الإقرار، من ذلك: الردة، والزنا، والشرب.
وذهب ابن أبي ليلى، وعثمان البتي، إلى عدم قبول الرجوع مطلقاً في كل الحقوق.
وذهب المالكية إلى أن الرجوع في حقوق العباد لا يقبل أصلاً، أما في حقوق الله تعالى فيقبل إن بيَّن المقر شبهة رجع إليها، قولاً واحداً، فإذا لم يبين شبهة، فروايتان، عن مالك، الأولى يقبل رجوعه، وهي المشهورة، والثانية لا يقبل رجوعه ويمضى الإقرار.
هذا وقد أسند الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية إلى أبي حنيفة قوله بعدم قبول رجوع المقر عن إقراره في الحدود، وهو غير المروي عنه في كتب المذهب، فليتنبه له.
فإذا كان الحق المقر به حقاً مشتركاً لله تعالى والعباد، كالسرقة، والقذف ثم رجع المقر عن إقراره، فإن الرجوع يقبل فيما هو متصل بحق الله تعالى منها، ولا يقبل فيما هو متصل بحق العباد، ففي السرقة إذا رجع عن إقراره يلزمه المال دون الحد، وفي القذف، لا يقبل رجوعه أصلاً، لغلبة حق العبد فيه غلبة مطلقة.
وقد نص الحنفية –تطبيقاً لذلك- على صحة الرجوع في الإقرار بالرضاع، لأن الحرمة الثابتة في هذا الإقرار هي حق الله تعالى، وهو مما يسقط بالرجوع كما تقدم، هذا ما لم يؤكد إقراره، فإن أكده لم يصح رجوعه فيه مطلقاً(33).
والأصل في ذلك أن الإقرار إخبار، وهو يحتمل الصدق والكذب، إلا أننا غلبنا جانب الصدق فيه لما فيه من تحمل الالتزام، فإذا رجع عنه بعد ذلك، كان رجوعه إقراراً معاكساً يحتمل الصدق والكذب على سواء، فكان أضعف من القرار الأول، فلم يلغه لذلك.
هذا فيما هو من حقوق العباد المبنية على التشاح، أما حقوق الله تعالى المبنية على التسامح والعفو، فإنه يعدل فيها عن ذلك، ويجعل الإقرار الثاني (الرجوع) مساوياً للإقرار الأول حكماً، فيتهاتران، فيسقط الحق الثابت بالإقرار الأول.
يؤكد ذلك ما روى من حديث ماعز، فقد روى فيه أنه هرب أثناء إقامة الحد عليه، فلحق به الصحابة وقتلوه، ثم ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلا تركتموه، لعله تاب فيتوب الله عليه، فإنه نص في قبول الرجوع، وقد علق على ذلك ابن عبد البر، فقال: (هذا أوضح دليل على أنه يقبل رجوعه).
هذا والرجوع مقبول فيما هو من حقوق الله تعالى إذا جاء قبل إيفاء الحق، وكذلك في أثنائه، وهو معتبر سواء أتم باللفظ، أم بالفعل، فإذا قال المقر بحد الزنا مثلاً: رجعت عن إقراري، أو قال كذبت، أو أخطأت، أو وهمت.. أو هرب في أثناء إقامة الحد عليه، فإنه يقبل منه، ويسقط عنه باقي الحد، ولا يتبع.
بل إن الفقهاء يندبون للمقر بالحد الرجوع عنه، كما يندبون للقاضي تلقينه الرجوع، نص على ذلك الحصكفي من الحنفية، فقال: (وندب تلقينه الرجوع، بلعلك قبلت أو لمست، أو وطئت بشبهة.. لحديث ماعز)(34).
الاستثناء بعد الإقرار:
الاستثناء في اللغة: من ثنيت الشيء أثنيه ثنياً من باب رمى، إذا عطفته ورددته، وثنيته عن مراده، إذا صرفته عنه، وعند النحويين: صرف العامل عن تناول المستثنى(35).
والاستثناء في الاصطلاح الفقهي يطلق على معنيين(36):
الأول: هو تعليق الكلام على مشيئة الله تعالى، ويلحق به تعليق الكلام على مشيئة فلان أو فلان من الناس، وكذلك تعليقه على شرط معدوم على خطر الوجود، كأن يقول: لك عندي ألف درهم ديناً إن شاء الله تعالى، أو إن شاء فلان من الناس، أو إن جاء ابني من السفر.
الثاني: إخراج شيء من المقر به بعد دخوله فيه بأحد أدوات الاستثناء المعروفة في اللغة، كأن يقول له: لك عندي ألف درهم إلا عشرة دراهم. ويعرفه الحنفية بأنه تكلم بالباقي بعد الثنيا باعتبار الحاصل من مجموع التركيب، ونفي وإثبات باعتبار الأجزاء(37)، وهذان المعنيان مقصودان ومؤثران في الاستثناء هنا.
حكم الاستثناء:
الاستثناء بإطلاقية الفقهيين مؤثر في الإقرار المستوفي لشروطه، فإذا قال المقر عقيب إقراره متصلاً به: إن شاء الله تعالى، أو إن شاء فلان، لغى قراره مطلقاً، سواء أشاء فلان ذلك بعده أم لا، لأنه تعلق به حق العبد، فلا يقبل فيه قول من علق على مشيئته بدعواه، والإثبات بالبينة مستحيل لخفاء المشيئة، فتبطل دعواه المشيئة لذلك، ويبطل الإقرار من أصله. وكذلك التعليق على مشيئة الله تعالى، لأنها خفية عنا.
فإذا علق المقر إقراره على شرط معدوم على خطر الوجود، كأن يقول: لك عندي ألف دينار ديناً إن حلفتَ، فإنه إقرار باطل، وإنه –وإن حلف- ليس له شيء بهذا الإقرار لبطلانه، لأن الإقرار إخبار –كما تقدم- فلا يقبل التعليق بما هو على خطر الوجود، لما فيه من الكذب مع انعدام الشرط.
وإذا قال: لك عندي ألف درهم إلا مئة درهم، وجب عليه بإقراره تسعمئة درهم لا غير، وكذلك إذا قال: لك عندي هذه الدار إلا ربعها، فإنه يلزم بثلاثة أرباعها لا غير، لأن الاستثناء هنا بيان، وليس إلغاء، ولهذا اشترط له الاتصال –كما سوف يأتي-.
شروط الاستثناء:
لا يثمر الاستثناء حكمه في إلغاء الإقرار كلياً أو جزئياً على الوجه المتقدم إلا إذا توافرت فيه شروط، وهي:
1-اتصاله بالإقرار بدون فاصل(38):
فإذا فصل بين الإقرار والاستثناء –بكل صوره السابقة- بكلام، نظر، فإن كان الكلام أجنبياً عن الإقرار، ولا حاجة له فيه، عد قاطعاً للاستثناء، وفاصلاً للإقرار عنه، فبطل به الاستثناء، وبقي الإقرار ثابتاً نافذاً على حاله، وذلك مثل أن يقول: لك عندي ألف درهم أقر لك بها إلا مئة درهم، فإنه يلزمه الألف كلها، ولا أثر للاستثناء هنا، لفصله عن الإقرار بجملة (أقر لك بها)، وهي أجنبية لا حاجة للإقرار بها.
وإن كان الكلام غير أجنبي، لم يجعل فاصلاً، فيكون الاستثناء متصلاً حكماً، مثل أن يقول: لك عندي ألف درهم كاملة إلا مئة درهم، فإنه لا يلزمه إلا تسعمئة درهم، لصحة الاستثناء، لأن كلمة (كاملة) مفيدة هنا لإخراج الناقصة..
فإن فصل بين الإقرار والاستثناء بسكوت، فإن كان قصيراً محتاجاً إليه لإساغة لقمة أو تنفس.. لم يعدّ فاصلاً مؤثراً، وصح الاستثناء معه، وإن كان طويلاً أو غير ضروري، عد فاصلاً مؤثراً، ولغى الاستثناء به، كأن يقول: لك عندي الدار الفلانية، ثم يصمت ساعة، ثم يقول: إلا ربعها، فإنه يلزم بدفع الدار كلها، لإلغاء الاستثناء، وكذلك إذا قال: لك عندي ألف درهم ثم صمت ساعة ثم قال: إن شاء الله تعالى، أو إن شاء فلان، أو إن جاء فلان من سفره حياً، فإنه يلزم بالدار، ويلغى الاستثناء.
ذلك أن الاستثناء كما تقدمت الإشارة إليه بيان، فإذا فصل بينه و بين الإقرار بفاصل، استقر ما جاء في الإقرار وثبت، فكان الاستثناء إلغاء لا بياناً، والإقرار لا يقبل الإلغاء كما سوف يأتي.
2-أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه(39):
تقدم أن الاستثناء بيان، فإذا استثني جزءً من المستثنى منه من جنسه، جاز بالاتفاق، كأن يقول: لك عندي مئة دينار إلا عشرة دنانير، فإنه يلزمه تسعون لا غير.
فإذا كان المستثنى من غير جنس المستثنى منه، كأن قال: لك عندي مئة دينار إلا عشرة دراهم، أو هذه الدار إلا مئة دينار.. فقد اختلف الفقهاء:
فذهب مالك في المشهور، والشافعي إلى صحة الاستثناء، وعندها تطرح قيمة المستثنى من المستثنى منه.
وذهب أحمد ومحمد بن الحسن وزفر إلى عدم صحة الاستثناء أصلاً، لأن المستثنى هنا غير داخل في المستثنى منه، فلا يكون بياناً بل استدراكاً ورجوعاً، وهو لا يصح، إلا أن يستثني ذهباً من فضة، أو فضة من ذهب، فإنه يصح، لأنهما في معنى الجنس الواحد، للثمنية.
وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف، إلى أنه إن استثنى مقداراً من مقدر(40) من خلاف جنسه، صح استحساناً، ونزلت قيمة المستثنى من المستثنى منه، والقياس أن لا يصح لعدم دخوله في المستثنى منه، وهو دليل الحنبلية، إلا أن دليل الاستحسان هنا أن المقدرات تجري مجرى الأثمان في قابليتها لعدم التعيين، فجاز اعتبار القيمة فيها جميعاً، فكانت كالجنس الواحد.
فإن استثنى غير مقدر، لزم اتحاد الجنس بينه وبين المستثنى منه، وبطل الاستثناء مع اختلاف الجنس، سواء أكان المستثنى منه مقدراً أو غير مقدر.
وعلى هذا، إذا قال رجل لآخر: لك عندي ألف درهم إلا عشرة دنانير، لزمه ألف درهم محسوماً منها قيمة عشرة دنانير، عند جميع الفقهاء، أما عند الشافعية والمالكية فلصحة الاستثناء مطلقاً، وأما عند أبي حنيفة وأبي يوسف، فلأن كلاً من الدنانير والدراهم من المقدرات، فكانت كالجنس الواحد، استحساناً، وأما عند الحنبلية فلأن الذهب والفضة في معنى الجنس الواحد عندهم.
فإذا قال: لك عندي مئة بيضة إلا صاع تمر، لزمه مئة بيضة، وألغي الاستثناء عند الحنبلية لاختلاف الجنس، أما عند جمهور الفقهاء فيلزمه مئة بيضة محسوماً منها قيمة صاع من التمر.
فإذا قال: لك عندي مئة بيضة إلا ديكاً، لم يصح الاستثناء عند أبي حنيفة وأبي يوسف، ولزمه مئة بيضة، لأن الديك ليس من المقدرات، وكذلك عند الحنبلية لاختلاف الجنس، أما المالكية والشافعية فيلزمه عندهم مئة بيضة محسوماً منها قيمة الديك.
3-أن يستعمل إحدى أدوات الاستثناء(41):
إذا كان الاستثناء بمعنى إخراج جزء من المقر به بعد دخوله فيه، وجب أن يستعمل فيه إحدى أدوات الاستثناء المختلفة.
فيصح الاستثناء بإلا، كما يصح بكل أدوات الاستثناء الأخرى المستعملة في اللغة العربية، مثل: خلا، وعدا، وسوى، وليس، وغير، وما خلا، وما عدا، ولا يكون، كأن يقول: لك عندي ألف درهم إلا عشرة، أو خلا عشرة، أو ليس عشرة..
4-أن يكون الشرط المعلق عليه معدوماً على خطر الوجود(42):
فإذا كان الاستثناء بتعليق الإقرار على شرط، اشترط لصحته شرطان:
آ-أن يكون الشرط المعلق عليه معدوماً وقت الإقرار، فإذا كان موجوداً صح الإقرار وبطل التعليق، لأنه تعليق صوري غير معتبر، فإذا قال: لك عندي ألف درهم ديناً إن رجع ابني من السفر، وهو راجع، أو إن حلفت يميناً، وقد حلف قبل ذلك، لغى تعليقه ولزمه ما أقر به.
ب-أن يكون على خطر الوجود، فإذا كان متحقق الوجود في المستقبل يقيناً، لغى الشرط وتنجز الإقرار، مثل قوله: إن مت فلك عندي ألف درهم، فإنه في الحقيقة تنجيز، للتيقن بالموت، وهو وصية، واحتمل أن يجب في الحال.
فإذا كان الشرط مستحيل الوجود، أو متعسر الوجود، مثل قوله: لك عندي ألف درهم إن عاش أبي الميت، أو إن شربت البحر كله، فالتعليق باطل بالاتفاق، لكن أيبطل الإقرار معه، أم ينعقد منجزاً؟ وجهان لم أر فيهما نصاً صريحاً.
5-أن لا يستغرق المستثنى كل المستثنى منه:
ذهب المالكية والشافعية والحنبلية، إلى أن استثناء كل المستثنى منه باطل، فإذا قال: لك عليَّ ألف درهم إلا ألف درهم، لزمه ألف درهم، وبطل الاستثناء، لأنه هنا إضراب ورجوع، وليس بياناً، وهو باطل.
فإذا استثنى أكثر المستثنى منه، صح الاستثناء عند المالكية والشافعية، فإذا قال: لك علي ألف درهم إلا تسعمئة درهم، لزمه مئة درهم لا غير.
وذهب الحنبلية إلى أن استثناء الأكثر باطل كاستثناء الكل، وكذلك استثناء النصف في وجه، قاله أبو بكر، وفي وجه آخر صحيح، قاله الخرقي.
وذهب الحنفية إلى أن استثناء الأكثر صحيح مطلقاً، أما استثناء الكل، فإن كان بعين لفظ الصدر (المستثنى منه) أو بما يساويه، بطل الاستثناء ولزم المقر به كله، وإن كان بغير ذلك صح الاستثناء، فإذا قال لآخر: لك عندي ألف درهم إلا تسعمائة درهم، لزمه مئة درهم، لصحة الاستثناء، فإذا قال: لك عندي ألف درهم إلا ألف درهم، لزمه ألف درهم، وبطل الاستثناء.
فإذا قال: لك عندي ألف درهم إلا مئة دينار، وكان قيمتها ألف درهم، بطل الاستثناء أيضاً، ولزمه ألف درهم، لأن الدنانير كالدراهم هنا بجامع الثمنية في كل، فكان استثناء بما يساوي اللفظ، هذا في قول نقله صاحب البحر، ونقل صاحب الجوهرة خلافه ونص على أن الإقرار يبطل هنا لصحة الاستثناء، لأنه بغير اللفظ الأول.
فإذا قال: عبيدي أحرار إلا سالماً وغانماً وراشداً، ولم يكن له عبيد غيرهم، لم يعتقوا لصحة الاستثناء، لأنه بغير عين اللفظ الأول ولا بما يساويه، فبطل الإقرار لذلك(43).
فإذا استثنى المقر استثناء بعد آخر، فإن كان قد عطف بينهما، فقال مثلاً: له عليّ ألف درهم إلا مئتين وإلا مئة، صح، ولزمه سبعمئة درهم فقط، وإن لم يعطف بينهما بأن قال: له علي ألف درهم إلا مئتين إلا مئة، كان استثناء من الاستثناء الأول، ولزمه في هذه الحال تسعمئة درهم(44).
البيان بعد الإجمال: (45)
المقر به إما أن يكون بيِّنا لا يحتمل التفسير والوصف، كأن يقول: لك عندي ألف درهم جيدة حالَّة، وإما أن يكون مبهماً أو فيه نوع إبهام، فيحتمل لذلك التفسير والوصف، كأن يقول لك عندي ألف درهم، فإنه يحتمل الوصف بجيدة أو ستوقة، أو زيوف أو ناقصة... أو يقول: لك عندي ألف، فإنه يحتمل التفسير بالدراهم، ويحتمل بالدنانير.. أو يقول: لك عندي مال، فإنه يحتمل القليل والكثير، كما يحتمل كل أنواع المال.
فإذا كان المقر به بيِّناً لا يحتمل التفسير والوصف، كان كل تفسير له أو وصف بعد ذلك رجوعاً عن الإقرار، وإضراباً عنه.
فإذا قال: لك عندي ألف درهم جيدة، ثم قال: هي زيوف، أو ناقصة.. لم يصدق في ذلك، لمنافاتها لما ثبت بإقراره، وهو الدراهم الجيدة، ووجب عليه ألف درهم جيدة.
فإذا كان المقر به مبهماً، أو فيه إبهام، جاز تفسيره بما يحتمله لفظ الإقرار، فإذا فسره بما لا يحتمله لغى التفسير، لأنه رجوع وليس تفسيراً، وعلى هذا إذا قال: لك عندي ألف درهم، ثم قال: هي زيوف جاز، ولزمه ألف درهم زيوف، لأنها وصف يحتمله لفظ الدراهم المطلق، فإذا قال: لك عندي ألف درهم زيوف، ثم قال: هي دراهم مغشوشة أو معيبة، قبل منه، لأن المغشوشة نوع من الزيوف، وكذلك الناقصة، فإذا قال: لك عندي ألف درهم زيوف، ثم قال: هي نحاس أو رصاص، لم يقبل منه ذلك لأنها ليست دراهم أصلاً، فكان ذلك رجوعاً منه، هذا مذهب الشافعية والحنبلية.
وذهب الحنفية إلى أن تفسيره بعد الإبهام بما يحتمله اللفظ المبهم جائز ما لم يكن في اللفظ الأول المبهم قرينة صارفة لهذا التفسير، فإذا كان هنالك قرينة صارفة امتنع التفسير بما يخالف تلك القرينة، وكان رجوعاً في الإقرار، فإذا قال: لك عندي ألف درهم، ثم قال هي زيوف، صدق، لاحتمال الدراهم المطلقة له، فإذا قال: لك عندي ألف درهم قيمة متاع، أو قرضاً، لم يصدق بعد ذلك بقوله: إنها زيوف، لأن بيانه لسبب ثبوتها يمنع كونها زيوفاً، فلو قال: لك عندي ألف درهم من غصب، أو وديعة، ثم قال: هي زيوف، صدق، لأن الغصب والوديعة يحتملان ذلك.
وهل يشترط في البيان الاتصال بالإقرار دون فاصل؟
ذهب إلى ذلك الشافعية والحنبلية، إلا أنهم اغتفروا الفاصل القصير الضروري كإساغة اللقمة والتنفس.. كما في الاستثناء، فإذا فصل بأكثر من ذلك لم يقبل التفسير عندهم مطلقاً.
وذهب الحنفية إلى عدم اشتراط الوصل، فإذا فسر إقراره بعد ساعة أو يوم وكان تفسيراً مستوفياً لشروطه السابقة، قبل، وقيد الإقرار به، إلا أنهم توسعوا في التفسير المتصل أكثر منهم في التفسير المنفصل، فنصوا على أنه: إذا قال: لك عندي ألف درهم من غصب ثم قال هي زيوف، قبل منه ذلك وصل أم فصل، فإذا قال: هي رصاص أو ستوقة، فإن وصل قبل منه، وإن فصل لم يقبل منه، لأن الرصاص والستوقة ليست دراهم إلا مجازاً، لهذا قبلت في الوصل، ولم تقبل في الفصل.
فإذا ألحق بإقراره كلاماً يسقط به الإقرار كلياً، لم يعتدّ به وبقي الإقرار على حاله عند الجمهور، خلافاً للشافعية في قول، وفي قول آخر: يعتد ويسقط به الإقرار إن كان متصلاً به، وذلك مثل أن يقول: لك عندي ألف درهم، ثم يقول: هي ثمن خمرة، أو ثمن طعام اشتريته فهلك قبل قبضه، أو ثمن بيع فاسد لم أقبضه.. فإنه يلزم بألف درهم، ولا يقبل منه هذا التفسير لدى الجمهور، لأنه رجوع، وهو ممنوع.
الإضراب: (46)
الإضراب في اللغة الإعراض، وفي الاصطلاح هنا: العطف بحرف الإضراب، مثل بل، ولكن، كأن يقول: لفلان عندي ألف درهم بل ألفان، أو لمحمد عندي ألف درهم، بل لمحمود، أو لكن لمحمود.
والإضراب بعد الإقرار إلغاء له ورجوع عنه، وهو لا يقبل الإلغاء والرجوع كما تقدم، ولهذا لا يبطل الإقرار به، ولكن يعدّ إقراراً آخر إلى جانب الإقرار الأول، ثم إن أمكن إدخالهما في بعضهما فذاك، وإلا جعل إقراراً مستقلاً عن الأول، هذا ما لم يكن مناقضاً له من كل وجه، فإذا كان كذلك بطل، لأنه رجوع عن الأول، وهو باطل.
وعلى هذا، إذا قال لآخر: لك عندي ألف درهم، بل ألفا درهم، لزمه ألفا درهم، لدخول الألف الأولى فيها، وهذا مذهب الجمهور، وذهب زفر وداود إلى أنه يلزمه ثلاثة آلاف درهم، فإذا قال: لزيد عندي ألف درهم، بل لعمرو، بل لبكر، لزمه ألف درهم لكل منهم بالاتفاق.
فإذا قال: أوصى أبي لزيد بثلث ماله، بل لعمرو، بل لبكر، فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الثلث لزيد، ولا شيء للباقين لاستغراق الأول الثلث كله، ففسد الإقرار لهما، وذهب زفر إلى أن لكل ثلث التركة.
فإذا قال: غصبت هذه الدار من زيد، لا بل من عمرو، لا بل من بكر، حكم بها لزيد، وسلمت إليه، وغرم قيمتها لكل من عمر وبكر، وهو قول أبي حنيفة وأحمد والشافعي في قول، وفي قول آخر: هي للأول، ولا يضمن شيئاً للآخرين لفساد الإقرار لهما باستحقاق الأول لها.
إنكار الإقرار، أو ادعاء الكذب أو الخطأ فيه(47):
إذا أقر إنسان بحق لآخر، ثم ادعى أنه كذب في إقراره أو أخطأ، فإن دعواه هذه لا تقبل، لتعلِّق حق الغير (المقر له) بالمقر به، ذلك أن الخطأ والكذب مما لا يمكن إثباته بالبينة، ولا يمكن قبوله بلا بينة، فسقط اعتباره لذلك، إلا أن أبا يوسف قال: يحلف المقر له أن المقر لم يكن كاذباً في إقراره، فإن حلف، استحق المقر به، وإلا فلا، وهو المفتى به عند الحنفية.
هذا هو المنقول عن الفقهاء، إلا أنني أرى ضرورة تصديق المقر في دعواه الكذب أو الخطأ إذا وافقه المقر له على دعواه هذه، أو ظهر من القرائن ما يرجح تصديقه في هذه الدعوى، وإن كنت لم أجد نصاً فقهياً في ذلك، سوى أمثلة توحي بهذا المعنى، من ذلك ما ذكره صاحب الدر المختار من الحنفية، فقال: (فروع: أقر بشيء ثم ادعى الخطأ لم يقبل إلا إذا أقر بالطلاق بناء على افتاء المفتي ثم تبين له عدم الوقوع، لم يقع، يعني ديانة قنية) ومثال آخر (قال لزوجته هذه رضيعتي، ثم رجع عن قوله صدق، لأن الرضاع مما يخفى، فلا يمنع التناقض فيه، ولو ثبت عليه بأن قال بعده: هو حق كما قلت ونحوه، فرّق بينهما)(48).
فإذا أنكر المقر إقراره أصلاً، وقال: لم أقر بشيء، فإنه يطلب من المقر له إثبات الإقرار بالبينة، فإن أثبته لزم المقر ما أقر به، وعد إنكاره رجوعاً، وهو غير معتبر كما تقدم، وإذا لم يثبته بالبينة، لم يلزم المقر شيء، وهل يحلف المقر في هذه الحال؟ المفتى به عند الحنفية أنه لا يحلف على الإقرار، ولكن يحلف على المال (ما ثبت بالإقرار) فلو ادعى رجل على آخر أنه أقر له بألف درهم، وأنكر المدعى عليه ذلك، وعجز المدعي عن البينة، فإن المقر يحلف أن ليس للمدعي عنده ألف درهم، ولا يلحف على أنه لم يقر له بألف درهم، ذلك أن الإقرار لا يصلح حجة للدعوى أصلاً، فليس لإنسان أن يدعي على آخر حقاً استناداً إلى إقراره، ولكن له أن يدعي عليه حقاً استناداً إلى سبب آخر، ثم يحتج على ثبوت ذلك بالإقرار، لأن الإقرار إخبار، يثبت به الحق، وليس إنشاء ينشأ به حق.
هذا كله فيما لا يسقط بالرجوع في الإقرار، أما ما يسقط بالرجوع في الإقرار كالردة والحدود التي هي خالص حق الله تعالى.. فإن إنكار الإقرار وادعاء الكذب فيه مقبول كما تقدم.
دعوى قضاء الحق الثابت بالإقرار (49):
إذا أقر إنسان لآخر بحق أو مال، ثم ادعى أنه قضاه إياه، فقد ذهب الجمهور من الفقهاء إلى أن ذلك إقرار بالحق ودعوى بالقضاء، وهما منفصلان، سواء وصل المقر بينهما أم فصل، فيصح الإقرار، ويلزم بمضمونه، ويطلب منه إثبات دعوى القضاء بالبينة، فإن أثبت القضاء، أعفي مما لزمه بالإقرار، وإلا استقر اللزوم (لزوم ما أقر به).
وذهب الحنبلية في إحدى روايتين اختارها القاضي، والشافعية في قول، إلى أنه إن وصل دعوى القضاء بالإقرار من غير فاصل مؤثر، صدّق في دعواه وألغي ما أقر به، وعدّ ذلك منه بمثابة الاستثناء، وإن فصل بينهما، لم تقبل منه دعوى القضاء إلا بالبينة.
وفصَّل بعض الحنبلية، فقال: إن ادعى قضاء كل الحق لم يقبل منه، وإن ادعى قضاء بعضه قبل منه.
وإنني أرى أن الحنبلية في هذا غير منسجمين مع مذهبهم في الاستثناء، ما داموا يقيسون دعوى القضاء على الاستثناء، لأن الاستثناء عندهم لا يصح إلا إذا كان المستثنى أقل من نصف المستثنى منه.
والله تعالى أجلّ وأعلم
الدكتور أحمد الحجي الكردي.
أستاذ ورئيس قسم علوم القرآن والسنة بجامعة دمشق.
الحواشي:
(1)المصباح المنير ومختار الصحاح، مادة (قرر).
(2)الدر المختار 5/588.
(3)الدر المختار 5/588-590.
(4)الآية (81) من سورة آل عمران.
(5)الآية (102) من سورة التوبة.
(6) الآية (172) من سورة الأعراف.
(7)الآية (15) من سورة القيامة.
(8)انظر جامع الأصول 3/515-538.
(9)المغني 5/124.
(10)المغني 5/124.
(11)الدر المختار 5/592-595، والمغني /180-183.
(12)انظر المادة (66) من مجلة الأحكام العدلية وكتابنا المدخل الفقهي ص 33.
(13)المغني 5/124، والدر المختار 5/590، 627.
(14)أخرجه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة وأحمد والدارمي، انظر جامع الأصول 7/609.
(15)انظر كشف الخفاء 1/433.
(16)المغني 5/125 والدر المختار 5/622.
(17)المغني 9/37.
(18)الدر المختار 5/590، وابن جزيء ص 342، والمغني 5/126.
(19)انظر المغني 5/180، والدر المختار 5/594-595.
(20)الآية (44) من سورة الأعراف.
(21)الآية (172) من سورة الأعراف.
(22)الدر المختار 5/596.
(23)انظر كتابنا فقه المعاوضات (1) ص 186-187.
(24)المغني 9/38، ومغني المحتاج 4/150.
(25)الدر المختار 5/590-592، وابن جزيء ص 343، والمغني 5/154.
(26)المغني 5/154-155.
(27)الدر المختار 5/590.
(28)الدر المختار 5/591، والمغني 5/137.
(29)المغني 5/138، والدر المختار 5/622-623 و 5/590.
(30)المغني 9/36، ورد المختار على الدر المختار 4/29.
(31)الدر المختار 4/9-10.
(32)الدر المختار 4/9-10، والمغني 9/34 و 115-117، وتبيين الحقائق 3/213 وفتح القدير 4/223-224، ومغني المحتاج 4/175، والدسوقي 4/345، وابن جزيء ص 390.
(33)الدر المختار 3/222-223.
(34)انظر الدر المختار 4/10 و 31 و 32، وبداية المجتهد 2/477 و 493، وابن جزيء ص 344، ومغني المحتاج 4/150، والمغني 5/136 و 9/39 و 52 و 117، والأحكام السلطانية ص 224-225.
(35)انظر المصباح المنير ومختار الصحاح مادة (ثني).
(36)الدر المختار 5/605-607.
(37)الدر المختار 5/605.
(38)الدر المختار 5/605، والمغني 5/132.
(39)الدر المختار 5/605، وابن جزيء ص 344، والمغني 5/128.
(40)العقد المقدر هو كل مكيل أو موزون أو عددي متقارب أو ذرعي متقارب.
(41)الدر المختار 5/606-607.
(42)الدر المختار 5/606-607.
(43) الدر المختار 5/605-606، والمغني 5/132-133 و 147، وابن جزيء ص 344.
(44)المغني 5/133 و 135، وابن جزيء ص 344.
(45)الدر المختار 5/608، والمغني 5/138-140.
(46)انظر المغني 5/136-142، والدر المختار 5/626.
(47)الدر المختار 5/589 و 604 و 626.
(48)الدر المختار 3/222-223.
(49)انظر المغني 5/134-135.
أهم المصادر الفقهية
الدر المختار: الحصكفي، البابي الحلبي، الثانية .
رد المحتار: ابن عابدين، البابي الحلبي، الثانية .
تبيين الحقائق: الزيلعي.
بدائع الصنائع: الكاساني، مطبعة الإمام بالقلعة .
بداية المجتهد: ابن رشد، منشورات الامبابي .
الدسوقي على الشرح الكبير: الدسوقي، عيسى البابي الحلبي .
القوانين الفقهية: ابن جزئ، دار العلم للملايين ببيروت .
الأحكام السلطانية: للماوردي، مصطفى البابي الحلبي .
مغني المحتاج: الشربيني الخطيب، مصطفى البابي الحلبي .
نهاية المحتاج: الرملي ، مصطفى البابي الحلبي .
المغني: ابن قدامة، مطبعة الإمام بالقلعة .