البصمة الوراثية
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم، على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالبصمة الوراثية أسلوب حديث في التعرف على شخصية صاحبها، ولم تكن معروفة قبل بضع سنين، وهي ظنية وليست قطعية في قول البعض، وربما كانت قطعية كما يدعي كثير من الخبراء.
وهي –ظنية كانت أو قطعية- دليل مقبول على ثبوت الأمومة عند عدم وجود ما ينافيها من الأدلة الأقوى منها، كما لو ادعى أمومة طفل غير معروف النسب امرأتان، ولا دليل لأي منهما على صدق دعواها، ولا دليل يمنع من تصديقها في قولها، وقالت البصمة الوراثية إنه ابن الأولى منهما مثلا، أو الثانية، جاز إلحاقه بها وقطعه عن الأولى بالبصمة، فإذا كان هنالك دليل يمنع من ذلك، كالبينة، لم يؤخذ بالبصمة، لضعفها ونزولها عن البينة.
أما الأبوة فلا تصلح البصمة الوراثية دليلا عليها، لأن البصمة الوراثية كل مال فيها أنها تثبت الجزئية، وهي كافية في ثبوت الأمومة، فثبت بها -كما تقدم- أما الأبوة فلا تكفي الجزئية في ثبوتها، لأن الزنا لا يثبت به نسب شرعا، وربما كانت الجزئية سببها الزنا، فلا تثبت الأبوة بها لذلك، ولكنها دليل معتبر في نفي الأبوة عن طفل، فإذا ادعى رجل أبوة طفل مجهول النسب، فثبت بالبصمة الوراثية أنه ليس منه، ألغي إقراره ببنوته له، وقطع نسبه عنه بالبصمة.
هذا إذا استوفت البصمة الوراثية شروطها، بأن كانت على يد خبير متمرس بها، وعدل لم يجرب عليه الكذب، وإلا لم يعتد بها أصلا، لا لأنها لا تصلح لذلك، ولكن لانعدام شروطها.
وعليه فالبصمة الوراثية المستكملة لشروطها تصلح دليلا على الأمومة مطلقا، إذا لم يوجد مانع من ذلك، وتصلح لنفي الأبوة لا لإثباتها عند انعدام الأدلة المعارضة.
والله تعالى أعلم.
الأحد 11 ربيع الأول 1427هـ و 9/4/2006م
أ.د.أحمد الحجي الكردي