2006-04-04 • فتوى رقم 4482
السلام عليكم والرحمة.
فضيلة الشيخ في الفتوى رقم (4438).
جاء التفسير (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا) تخرجوا (من أقطار) نواحي (السماوات والأرض فانفذوا) أمر تعجيز (لا تنفذون إلا بسلطان) بقوة ولا قوة لكم على ذلك.
فهل يعني ذلك أن خروج الناس خارج مدار الأرض يعتبر معجزة مع أنه كما تعرفون أن الإنسان هبط على سطح القمر؟
أرجو من فضيلتكم التفسير.
وجزاكم الله خيراً.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
جاء في تفسير القرطبي ولعله يوضح المعنى أكثر من الجلالين:
قوله تعالى: "معشر الجن والإنس" ذكر ابن المبارك: وأخبرنا جويبر عن الضحاك قال إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشققت بأهلها، فتكون الملائكة على حافاتها حتى يأمرهم الرب، فينزلون إلى الأرض فيحيطون بالأرض ومن فيها، ثم يأمر الله السماء التي تليها كذلك فينزلون فيكونون صفا من خلف ذلك الصف، ثم السماء الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة، فينزل الملك الأعلى في بهائه وملكه ومجنبته اليسرى جهنم، فيسمعون زفيرها وشهيقها، فلا يأتون قطرا من أقطارها إلا وجدوا صفوفا من الملائكة، فذلك قوله تعالى: "يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانقذوا لا تنقذون إلا بسلطان" والسلطان العذر. وقال الضحاك أيضا: بينما الناس في أسواقهم انفتحت السماء، ونزلت الملائكة، فتهرب الجن والإنس، فتحدق بهم الملائكة، فذلك قوله تعالى: "لا تنقذون إلا بسلطان" ذكره النحاس. قلت. فعلى هذا يكون في الدنيا، وعلى ما ذكر ابن المبارك يكون في الآخرة. وعن الضحاك أيضا: إن استطعتم أن تهربوا من الموت فاهربوا. وقال ابن عباس: إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات وما في الأرض فأعلموه، ولن
تعلموه إلا بسلطان أي ببينة من الله تعالى. وعنه أيضا أن معنى: "لا تنقذون إلا بسلطان" لا تخرجون من سلطاني وقدرتي عليكم. قتادة: لا تنفذون إلا بملك وليس لكم ملك. وقيل: لا تنفذون إلا إلى سلطان، الباء بمعنى إلى، كقوله تعالى: "وقد أحسن بي" [يوسف: 100] أي إلى. قال الشاعر:
أسيئي بنا أو أحسني لا ملولة لدينا ولا مقلية إن تقلت
وقوله: "فانفذوا" أمر تعجيز.
ومحل التعجيز الخروج من أقطار السماوات والآرض إلى ما وراءها، وليس ضمنها، أي الخروج من ملك الله تعالى بالكلية.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.