2012-08-26 • فتوى رقم 58984
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، أما بعد:
أنا شاب أكرمني ربي سبحانه وتعالى بوظيفة كإطار لدى شركة تأمين وقد عمدت إلى استخدام منصبي مع التزوير من أجل اختلاس أموال هذه الشركة بغير وجه حق على مر ثلاث سنوات لفترات متقطعة ليكون مجموع المبلغ كبيرا نوعا ما، صرفت هذه الأموال كلها تقريبا في إكمال بناء المنزل الذي أسكنه مع والداي وإخوتي (تؤول ملكيته لأبي)، كما أن معظم أثاث غرفتي ولباسي وجزءا من ذهب زوجتي من هذا المال الحرام ولم يتبق من هذا المال إلا مبلغ قليل في حسابي البنكي، أما اليوم وقد أصبحت لا أكاد أشعر بطعم الحياة وضاقت علي الدنيا بما رحبت إلا عندما أكثر من ذكر الله عز وجل وأمر بآية في القرءان تحمل معاني التوبة والأمل، إلا أنني سرعان ما ينتابني إحساس بالخجل والاستحياء من الله وأنا أتلو القرءان أو أستغفره لخطيئتي وما إذا كان الله سوف يتقبلني عنده أم لا لأنني لا أنفك أشعر بأنني ممن تنطبق عليهم صفات النفاق في القرءان بسبب ما اقترفته من ذنب لم أعد أحتمل مرارة الندم عليه.
قررت أن أتوب إلى الله عما أقدمت عليه من معصية كبيرة لأكون أمينا يخشى المال الحرام وسبله كما كنت سابقا وأكون حافظا لكتاب الله ليكون لي حصنا من الشيطان كما أنني قررت البحث عن منصب عمل في مكان آخر لأبتعد كليا عما يذكرني بهذا الطريق المظلم إلا أنني بعدما علمت أن رد الشيء المسروق إلى صاحبه يعد شرطا أساسيا لقبول التوبة بقيت في حيرة من أمري لكوني لا أستطيع رد كل هذا المبلغ بأجرتي الشهرية التي منها قوت اليوم وبعضها أسدد منه دينا علي، لهذا أرجو من فضيلتكم إفتائي بما ترونه مناسبا مما علمكم الله لأخرج من هذا السواد الذي أعيشه فيما يتعلق بهذا الشرط هذا من جهة؟
ومن جهة أخرى ما هو مصير ذلك الأثاث والملابس التي تفتقد إلى الشرعية في أصلها؟
كيف أتصرف في المبلغ المتبقي من ذلك المال المختلس؟ هل أرده لحساب الشركة أم أتصدق به أم أسد به جزءا من الدين الذي علي والذي يفوق بكثير هذا المبلغ المتبقي؟ حيث وسوس لي الشيطان لعدة مرات كي أسلك نفس الطريق لرد مبلغ الدين إلا أنني عزمت وعاهدت الله بعد توفيق منه أن لا أرجع إلى تلك المعصية خاصة عندما أتذكر أنه سترني له الحمد طيلة هذه الفترة ولم يفضح أمري والأكثر من ذلك أنه لم يتوفني وإلا كان الأمر عسيرا وقررت أن أرد ديني من مالي الخاص الذي أتقاضاه شهريا؟ كما أرجو منكم فضيلة الشيخ أن يكون لي نصيب من دعواتكم الطاهرة في هذا الشهر الكريم عسى الله أن ينفعنا بها.
وفقكم الله لما فيه خير لهذه الأمة والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فيجب على السارق بعد التوبة النصوح رد المسروق إلى صاحبه إن كان موجوداً، وإلا فقيمته، وذلك بأي طريقة ممكنة، ولو دون إخباره بأمر السرقة، ولا مانع من أن تكون على شكل مساعدة، أو هدية ينتهز لها مناسبة، أو غير ذلك، وإن كان لا يستطيع الآن فحين قدرته.
ولا يبرأ إلا بذلك، أو أن يخبر المسروق منه بما كان منه فيسامحه.
فاختر طريقة تتمكن من خلالها من أداء ما عليك ولو ببيع بعض أملاكك، وأسأل الله تعالى أن يعينك على ذلك.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.