2015-04-23 • فتوى رقم 72978
بسم الله الرحمن الرحيم
هل يشعر الموتى بزيارة أقاربهم لهم؟
ما حكم تعليم القبر بحوض اسمنتي لا يتجاوز علوه عشرين سنتمترا، مع كتابة اسم الميت على قطعة رخام غير منتصبة؟
هل هناك وقت خاص تكون فيه زيارة المقابر أفضل؟
جازاكم الله خير الجزاء.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقد جاء أن الميت يشعر بمن يزوره وهو في قبره، فقد ورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال :«ما من أحد مرّ بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا، فسلّم عليه إلا عرفه وردّ عليه السّلام» أخرجه الخطيب وابن عساكر وابن النجار، وسنده جيد كما في كنز العمال، وورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم «أنّه أمر بقتلى بدر، فألقوا في قليب، ثمّ جاء حتّى وقف عليهم وناداهم بأسمائهم: يا فلان ابن فلان، ويا فلان ابن فلان، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً، فإنّي وجدت ما وعدني ربّي حقاً، فقال له عمر رضي الله تعالى عنه: يا رسول الله، ما تخاطب من أقوام قد جيّفوا، فقال عليه الصلاة والسلام: والّذي بعثني بالحقّ، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنّهم لا يستطيعون جواباً» أخرجه أحمد، وورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «إنّ العبد إذا وضع في قبره وتولّى عنه أصحابه إنّه ليسمع قرع نعالهم» أخرجه البخاري ومسلم، ولهذا أمر النّبي صلى الله عليه وسلم بالسّلام على الموتى، حيث جاء أنّه صلى الله عليه وسلم كان يعلّم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا :«السّلام عليكم أهل الدّيار من المؤمنين والمسلمين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون» أخرجه النسائي.
قال ابن القيّم: وهذا خطاب لمن يسمع ويعقل، ولولا ذلك لكان هذا الخطاب بمنزلة خطاب المعدوم والجماد، والسّلف مجمعون على هذا، وقد تواترت الآثار بأنّ الميّت يعرف زيارة الحيّ له ويستبشر به.
وجاء في فتاوى العزّ بن عبد السّلام: والظّاهر أنّ الميّت يعرف الزّائر، لأنّا أمرنا بالسّلام عليهم، والشّرع لا يأمر بخطاب من لا يسمع.
أما بناء القبر غلا مانع من هذه الأمور إن كانت ضرورية لتثبيت القبر، أو لحمايته من العوامل الطبيعية من ماء أو هواء أو حرارة شمس أو غير ذلك، وذلك رعاية لحرمة القبر وحرمة الميت، وذلك مطلوب شرعاً.
وزيارة القبور أمر مستحسن بين الفينة والفينة في أي يوم كان مع الأدب، من أجل الاتعاظ؛ لأنها تذكر بالموت.
ومن السنة عند الزيارة أن يبدأ الزائر بالسلام عليهم، ثم قراءة ما تيسر من القرآن سراً، ثم الدعاء لهم، وكان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يزور القبور ويقول عند دخوله إلى المقبرة: (السلام عليكم دارَ قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لا حقون) رواه النسائي.
ولا يجوز النواح عند القبور، ولا الجلوس على القبر أو المرور عليه، أو الاختلاط بين الجنسين بغير حجاب أثناء الزيارة.
ولا مانع من قراءة القرآن في المقبرة.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.