2006-10-16 • فتوى رقم 8184
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
قال لله تعالى: (ولا تزد الظالمين إلا ضلالاً ) (24-نوح)، فما المقصود من "ضلالا"، وهل يدعو سيدنا نوح عليه وعلى جميع الأنبياء الصلاة والسلام على الكفار بالضلال؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فالضلال في قول سيدنا نوح في هذه الآية مستعار لعدم الاهتداء إلى طرائق المكر الذي خشي نوح غائلته في قوله:{ ومكروا مكراً كُباراً}[نوح:22]، أي: حُلْ بيننا وبين مكرهم، ولا تزدهم إمهالاً في طغيانهم علينا إلاّ أن تضللهم عن وسائله، فيكون الاستثناء من تأكيد الشيء بما يشبه ضده.
أو أراد إبهام طرق النفع عليهم حتى تنكسر شوكتهم وتلين شكيمتهم. نظير قول موسى عليه السلام:{ ربَّنا اطمِسْ على أموالهم واشْدُد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم }[يونس:88].
وليس المراد بالضلال الضلال عن طريق الحق والتوحيد؛ لظهور أنه ينافي دعوة نوح قومه إلى الاستغفار والإِيمان بالبعث، فكيف يسأل الله أن يزيدهم منه!.
ويجوز أن يكون الضلال أطلق على العذاب المسبب عن الضلال، أي في عذاب يوم القيامة وهو عذاب الإِهانة والآلام.
ويجوز أن تكون جملةً معترضة، وهي من كلام الله تعالى لنوح، فتكون الواو اعتراضية ويقدر قول محذوف: وقلنا لا تزد الظالمين. والمعنى : ولا تزد في دعائهم؛ فإن ذلك لا يزيدهم إلاّ ضلالاً ، فالزيادة منه تزيدهم كفراً وعناداً.
وبهذا يبقى الضلال مستعملاً في معناه المشهور في اصطلاح القرآن، فصيغة النهي مستعملة في التيئيس من نفع دعوته إياهم.
واسأل الله لكم التوفيق.
والله تعالى أعلم.