عناية الشيخ أحمد الكردي المحترم:
السؤال: علماء الفلك يؤكدون أن يوم الثلاثاء هو الأول لمحرم، ورأس السنة الهجرية فيما يقول الفقهاء والتقويمات أن يوم الخميس هو الأول من محرم، فما تأثير ذلك على المسلمين الذين صاموا يوم عرفة، والحجاج الذين وقفوا في يوم عرفة، وما تأثيرها على حجتهم، وما حكم هؤلاء، وما الحل؟
محرر في جريدة القبس
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم، على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
الأخ الأستاذ ....... المحرر في جريدة القبس الكويتية اليومية حفظه الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد:
فجوابا على سؤالكم المرقوم أعلاه أجيب بما يلي:
الأشهر القمرية تثبت شرعا برؤية الهلال بالعين البشرية، سواء في ذلك رمضان وغيره، لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: (صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ) رواه الشيحان البخاري ومسلم، والرؤية القمرية المعتد بها تكون بعد غروب شمس اليوم التاسع والعشرين من كل شهر قمري، فإن رؤي الهلال بعد الغروب ثبت أن اليوم الذي بعد ذلك هو أول الشهر الجديد، وإلا فاليوم التالي هو نهاية الشهر الحالي، وقد تختلف الروية بحسب الأقطار في الأرض الكروية، ولهذا قرر الفقهاء أن القطر الذي يرى الهلال في الموعد السابق يعد اليوم الذي بعده أول الشهر الجديد في حقه، والقطر الذي لا يرى فيه الهلال في الموعد السابق يعد اليوم التالي في حقه آخر الشهر الحالي.
وعليه فقد يختلف دخول الشهر من قطر دون قطر يوما واحدا، ولا يمكن أن يختلف أكثر من ذلك، ورؤية القمر بالعين تثبت بشهادة جمع غفير من المسلمين، ولا يكتفى في ثبوت الشهر برؤية واحد أو اثنين من المسلمين فقط في الأصل، ولكن لقلة الناس المتطلعين للهلال في كثير من الأماكن والسنين اكتفى الفقهاء لثبوت الهلال برؤية اثنين من المسلمين العدول له، فإذا شهدوا عند القاضي برؤية الهلال أثبت القاضي الهلال بشهادتهم، وجعل اليوم الذي يلي ذلك أول الشهر، وقال البعض بل يثبت دخول الشهر برؤية المسلم الواحد العدل الثقة له، وهذا في الشهور كلها، واستثنى أكثر الفقهاء ثبوت شهري رمضان وشوال، فقالوا إذا ثبت بحسب ما تقدم رؤية هلال رمضان في بلد لزم كل مسلمي الأرض الصوم في اليوم الذي بعده، وكذلك شوال، وقال البعض هلال رمضان وشوال كغيره من الشهور.
واتفق الفقهاء عامة على عدم ثبوت هلال الشهر القمري بالحساب من غير رؤية بصرية له بحسب ما تقدم، ولكن إذا ثبت بالحساب -وكان قطعيا لا يخطئ باعتراف الجميع- أن الهلال لا يمكن أن يرى بالعين في يوم من الأيام، ثم جاء البعض وشهدوا برؤيته، لم تقبل شهادتهم، لأن الشهادة يثبت بها ظن، والقطع أقوى من الظن، أما إذا كان الحساب ظنيا، فلا يؤبه له أصلا.
وعلى الحجاج جميعا أن يأخذوا برؤية الهلال في مكة المكرمة، ويقفوا بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة بحسب تلك الرؤية، مهما كانت جنسيتهم، ولا يجوز لهم أن يخالفوا ذلك، أما باقي المسلمين في الأقطار الأخرى، فيمكن أن يكون يوم عرفة في بلدهم قبل يوم عرفة في مكة المكرمة بيوم أو بعده بيوم بحسب ما تقدم، ولهم أن يمشوا في صومهم في يوم عرفة على حسب رؤية بلدهم.
والله تعالى أعلم.
الخميس 25 ذو الحجة 1428هـ و 3/1/2008م
أ.د.أحمد الحجي الكردي
خبير في الموسوعة الفقهية
وعضو هيئة الفتوى في دولة الكويت