الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن فضيلة المرحوم العلامة الشيخ الدكتور إبراهيم محمد السلقيني زميل لي في التدريس في كلية الشريعة في جامعة دمشق مدة ربع قرن تقريبا، وقد ولد في حلب عام /1933/ م في أسرة علمية تقية، فوالده رحمه الله تعالى فضيلة العلامة التقي الشيخ محمد إبراهيم السلقيني أحد شيوخي المحببين إلي، وقد درسني مادتي أصول الفقه والفقه الحنفي في الثانوية الشرعية بحلب، وجده فضيلة العلامة الشيخ إبراهيم السلقيني رحمه الله تعالى من علماء حلب وأوليائها، فهو على هذا سليل العلم والفضل والتقى.
ولقد تلقى فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم علومه الدينية الأولى على يد والده وجده وبعض علماء حلب في المدرسة الخسروية (الثانوية الشرعية فيما بعد) ثم التحق فضيلته بجامعة الأزهر الشريف، وحصل منها على درجة الليسانس في الشريعة الإسلامية، وعين بعدها مدرسا ثم مديرا للثانوية الشرعية بحلب، كما درس التربية الإسلامية في العديد من مدارس حلب الثانوية العامة، ثم حصل على الماجستير والدكتوراه في أصول الفقه، وعيِّن بعدها عضوا في هيئة التدريس في كلية الشريعة بجامعة دمشق، ومن هنا بدأت زمالتي له، وصداقتي معه، وإن كنت أعرفه من سابق، وأعرف والده، ولكنها معرفة سطحية تمتنت في كلية الشريعة، وقد آنست منه خلال زمالتي له في الكلية نفسا طيبة متواضعة عالمة عاملة.
وقد شغل عمادة الكلية لسنين عديدة، وكان فيها أنموذجا للعميد الناجح، يحسن لطلابه ويستوعب مشكلاتهم، ويحسن لزملائه أعضاء الهيئة التدريسية ويتواضع لهم.
كما شغل لسنين عديدة أيضا عضوية مجلس الشعب في الجمهورية العربية السورية في إحدى دوراته، وقد بذل في خلال ذلك جهدا مميزا في خدمة التشريع السوري.
وبعد إحالته للتقاعد بسبب السن سافر إلى بعض دول الخليج ليدرس في كليات الشريعة فيها، وقد عين عميدا لبعضها مدة من الزمن، ثم عاد بعد ذلك إلى حلب ليعين مفتيا لها عام /2005/م ، وقد استمر في ذلك إلى أن توفاه الله تعالى في صباح يوم الثلاثاء الثامن من شوال عام /1432هـ الموافق 6/9/2011م.
وترك رحمه الله تعالى بعد وفاته سيرة طيبة عطرة، فلا يعرفه أحد إلا أحبه، وربما شكر له مساعدته له أيضا، فقد كان يخدم كل الناس من عرفه ومن لم يعرفه، بتواضع جم وإنكار للذات، كما ترك بعض المؤلفات الفقهية والأصولية التي لا زالت تدرس في كلية الشريعة بجامعة دمشق.
وفي الختام أسال الله تعالى له الرحمة والرضوان والمقام العالي في الجنة مع النبي محمد r والأنبياء والمرسلين والصالحين من المسلمين، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الأربعاء 9 شوال 1432هـ و 7/9/2011م
أ.د.أحمد الحجي الكردي
خبير في الموسوعة الفقهية وعضو هيئة الفتوى في دولة الكويت
وأستاذ في كلية الشريعة من جامعة دمشق سابقا.